قضية صدّق العادل أي رتب الأثر الشرعي على ما أخبر العادل به بلحاظ طبيعة الأثر بل كان بلحاظ مصاديق الأثر وأفراده الخارجية ، وأمّا إذا كانت القضية طبيعية أي كان الحكم فيها بلحاظ طبيعة الأثر من حيث هو أثر فالحكم فيها يسري إلى نفسه أيضا كما يسري إلى مصاديقها الخارجية مثل سراية الحكم في قولك : كلّ خبري صادق ، إلى نفس هذا القول من دون أن يلزم في المقام اتّحاد الموضوع والحكم ، إذ يلزم الاتّحاد المذكور إذا جعل قول صدق العادل قضية خارجية ترتب الحكم فيها على خصوص أفراد الموضوع الموجودة في الخارج فعلا ؛ وأمّا إذا جعل قول صدق العادل قضية حقيقية ترتب الحكم فيها على طبيعة الموضوع من دون ملاحظة خصوصيات الأفراد ومنها يسري الحكم إلى أفرادها الخارجية المحققة ، أو المقدرة فلا يلزم حينئذ الاتّحاد المذكور أي اتحاد الحكم والموضوع.
فإن قيل : إذا جعلت القضية صدق العادل طبيعية فلا يسرى الحكم منها إلى أفرادها ومصاديقها كقولنا الإنسان نوع والحيوان جنس ، إذ لا تكون أفراد الإنسان بنوع ولا مصاديق الحيوان بجنس ، بل تكون أنواعا مختلفة الحقائق كالإنسان والفرس ونحوهما ، قلنا ليس المراد من الطبيعي ، الطبيعي المعقولي بمعنى الطبيعة بشرط لا ، بل المراد هو الطبيعي الاصولي بمعنى الطبيعة بشرط الوجود السعي ، فيسرى الحكم إلى الأفراد ، فلا مانع من شمول دليل الحجية لخبر الكليني عن علي بن إبراهيم القمي قدسسرهما مع كون الأثر الشرعي للمخبر به ـ وهو خبر علي بن إبراهيم ـ نفس وجوب التصديق ، وهكذا ينجر هذا الكلام إلى آخر الوسائط.
والسرّ في ذلك المطلب أن الطبيعي بهذا المعنى لا مرتبة له أصلا حتى يكون التأخّر الرتبي في بعض أفراده المعنون بالحكم ينافي التقدم الرتبي في بعض أفراده الآخر المعنون بالموضوع لأنّ الطبيعي من حيث هو طبيعي ليس إلّا هو ليس بمطلوب ، ولهذا كأنّه خارج من عالم الرتب كما أنّ الواجب الوجود جلّ جلاله ،