لغوا كما يكفي في كونه غاية للواجب.
فالنتيجة اختصاص وجوب الحذر بصورة إفادة الإنذار للعلم.
فإن قيل : هذا الاختصاص خلاف إطلاق الآية الشريفة.
قلنا : إنّ الآية المباركة ليست مسوقة لبيان وجوب الحذر لأجل كونه فائدة لوجوب الإنذار ، أو لأجل كونه غاية للإنذار كي يكون الحذر واجب على المكلف ، سواء أفاد الإنذار للعلم أم لم يفده ؛ بل الآية الشريفة مسوقة لبيان وجوب النفر وإذا لم تكن مسوقة لذلك ، فلم يكن لها إطلاق لعدم كون المتكلم في مقام بيان وجوب الحذر وهو شرط انعقاد الإطلاق للكلام أي الآية الشريفة ليست لبيان غاية التحذر لوجوب الإنذار كي يجب الحذر مطلقا أي سواء أفاد الإنذار العلم أم لم يفده. ولعلّ وجوب الحذر كان مشروطا بما إذا أفاد الإنذار للعلم لو لم نقل بكون التحذر مشروطا بما إذا أفاد العلم ، كما قال به الشيخ الأنصاري قدسسره في فوائده.
والوجه في الاشتراط المذكور أنّ النفر إنّما يكون لأجل التفقه ولأجل تعلّم معالم الدين ، ولأجل معرفة ما جاء به سيد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم من القانون الإلهي كي ينذر النافرون المتخلفين بمعالم الدين ، أو كي ينذر المتخلفون النافرين بمعالم الدين على الوجهين في تفسير الآية المباركة.
ففي أحدهما أنّ المراد تفقه النافرين بمعالم الدين لينذروا المتخلفين ، وفي الآخر تفقه المتخلفين عن الجهاد لينذروا النافرين عند رجوعهم إلى المتخلفين. فعلى الأوّل ضمير الغائب في (لِيَتَفَقَّهُوا) و (لِيُنْذِرُوا) و (رَجَعُوا) راجع إلى الطائفة النافرين وضمير (إِلَيْهِمْ) و (لَعَلَّهُمْ) راجع إلى المتخلفين عن الجهاد مع الكفار ؛ وعلى الثاني ضمير (لِيَتَفَقَّهُوا) و (لِيُنْذِرُوا) و (إِلَيْهِمْ) راجع إلى المتخلفين ، وضمير (رَجَعُوا) و (لَعَلَّهُمْ) راجع إلى النافرين.
ولا يخفى أنّ في الآية الشريفة تسعة ضمائر ، أربعة منها بارزة وخمسة منها