المسكر ونحو ذلك مما يكون في ارتكابه ضرر على الفاعل ونقص في بدنه ، أو ماله أو في عقله ، أو في عرضه ، فالظن بمثل هذا النوع من التحريم وإن كان يستلزم الضرر إلّا إن الكبرى ممنوعة ، إذ لم يدل دليل على وجوب دفع الضرر الدنيوي المظنون في هذه الموارد مما لم يكن التكليف فيه منجزا وإلّا لزم الاحتياط في الشبهات الموضوعية أيضا مع الظن بالضرر ولم يلتزم به أحد ؛ بل يمكن أن يقال إنه لا دليل على وجوب دفع الضرر الدنيوي المتيقن ولا سيما إذا كان فيه غرض عقلائي فكيف بالضرر المظنون ، أو المحتمل إذا كان دنيويا كالانفاقات في سبيل الخير والجهاد في سبيل الله تعالى.
نعم قد دل الدليل على حرمة الإضرار بالنفس في موارد خاصة مثل قتل الانسان نفسه ، أو كقطع البشر بعض أعضائه وجوارحه كما دل الدليل على حرمة ارتكاب ما يخاف ضرره في موارد خاصة كالصوم الضرري والغسل الضرري والوضوء الضرري فلا بد حينئذ من الاقتصار في مورد النص ، إذ لا يستفاد منه كبرى كلية مع إن الاعتبار في تلك الموارد بخوف الضرر المنطبق على احتمال الضرر أيضا لا خصوص الظن بالضرر فهذه الموارد خارجة عما نحن فيه ، كما لا يخفى.
قوله : وأما المفسدة فلأنها وإن كان الظن بالتكليف يوجب ...
وإن كان مقصود المستدل من الضرر هو المفسدة فلا ريب في إن الظن بالتكليف يوجب الظن بالوقوع في المفسدة في صورة المخالفة إلّا إن المفسدة ليست بضرر على كل حال وعلى نحو الكلي ضرورة أن كلما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم أن يكون من الضرر على فاعله بل ربما يوجب القبح حزازة ومنقصة في الفعل بحيث يذم العقلاء على الفعل القبيح فاعله بلا ضرر على الفاعل أصلا ، كما لا يخفى فليست الملازمة بين المفسدة وبين الضرر على نحو الإيجاب الكلي بحيث يصح أن يقال كل مفسدة ضرر وكل ضرر مفسدة فليست النسبة بينهما