سواء كان احتمال الوجوب ، أو الحرمة بين المشتبهات مظنونا أم كان موهوما ولكن مقتضى قاعدة نفي الحرج والعسر عدم وجوب الاتيان بكل ما يحتمل الوجوب وعدم وجوب الترك بكل ما يحتمل الحرمة ، إذ هما مستلزمان للعسر الأكيد والحرج الشديد وهما منفيان في الشريعة المقدسة بمقتضى الآيتين الشريفتين وهما قوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(١) وقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٢).
فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط ونفي الحرج والعسر العمل بالمظنونات بين المشتبهات دون المشكوكات ودون الموهومات لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح.
فالنتيجة : أن العمل بالمظنونات يكون لمقتضى قاعدة الاحتياط وإن ترك العمل بالمشكوكات والموهومات بين المشتبهات يكون لمقتضى قاعدة نفي العسر والحرج.
فإن قيل : إنا نعمل ببعض المظنونات والمشكوكات وببعض الموهومات ، فهذا العمل مستلزم لاخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشكوكات والموهومات وعليه : تلحظ قاعدة الاحتياط وقاعدة نفي الحرج والعسر ، كما لا يخفى.
قلنا : هذا الطريق باطل إجماعا ، إذ لم يقل بهذا الجمع بينهما أحد من الاصوليين قدسسرهم ولا يخفى إن هذا الجمع يسمى بالتبعيض في الاحتياط هذا مضافا إلى إن هذا مستلزم لترجيح المرجوح على الراجح إذا عملنا ببعض الموهومات والمشكوكات ولم نعمل ببعض المظنونات ، ولا ريب إن هذا قبيح عقلا والقبيح لا يصدر من المولى عزّ اسمه.
__________________
١ ـ سورة البقرة : ١٨٥.
٢ ـ سورة الحج : ٧٨.