حكومة العقل بالاستقلال.
ولا ريب في إن العمل بالاحتياط الذي يتحقق بالعمل بكل الطرق : من أخبار الآحاد ، والاجماعات المنقولة ، والشهرة الفتوائية ، إنما يكون بحكم العقل من باب الارشاد في الوجه الثالث على مبنى الكشف.
توضيح في طي الكشف والحكومة ، وليعلم إن المراد من الكشف أنه يستكشف من المقدمات المذكورة أن الشارع المقدّس جعل الظن حجة بحيث يجوز للمكلف أن يمتثل ، أوامر المولى بالامتثال الظني دون الامتثال الشكي ، أو الامتثال الوهمي.
والمراد من الحكومة إن العقل الحاكم بالاستقلال في باب الاطاعة يلزم المكلف بعد تمامية المقدمات المذكورة بالامتثال الظني وعدم التنزل منه إلى الامتثال الشكي وإلى الامتثال الوهمي بمعنى إن العقل يراه معذورا غير مستحق للعقاب على مخالفة الواقع مع الأخذ بالظن ومع العمل على طبقه كما يرى العقل المكلف مستحقا للعقاب على مخالفة الواقع على فرض عدم الأخذ بالظن ، وعلى تقدير الاقتصار بالامتثال الشكي ، أو بالامتثال الوهمي فيحكم العقل بتبعيض الاحتياط في فرض عدم التمكن من الاحتياط التام ، وهذا هو معنى الحكومة. فشأن العقل الادراك فقط ، إذ العقل ليس بمشرّع ليجعل الظن حجّة بل المشرّع هو المولى جلّ جلاله وعظم شأنه وعمّ نواله.
والعقل يرى المكلف معذورا في مخالفة الواقع مع الاتيان بما يحصل معه الظن بالامتثال على تقدير تمامية المقدمات ، ويراه غير معذور في مخالفة الواقع على تقدير ترك الامتثال الظني وعلى فرض الاقتصار بالامتثال الشكي ، أو الوهمي ، كما لا يخفى.