ويدل على عدم التفاوت المذكور إنه لا استقلال للعقل بالحجية إذا احتمل المنع شرعا عن اتباع الظن فضلا عما إذا ظن المنع عن اتباعه فالنتيجة لا يجتمع استقلال العقل بالحجية مع احتمال المنع شرعا عن اتباع الظن فضلا عن الظن به.
وفي ضوء هذا : فيجب طرح الظن الممنوع ويجب الأخذ بالظن المانع سواء كان في الاصول أم كان في الفروع أم كان فيهما ولا يخفى إن المراد من الاصول في هذا المقام هو اصول الفقه لا اصول الدين ، إذ الظن ليس بحجة قطعا في اصول الدين كما سيأتي إن شاء الله تعالى عن قريب.
والمراد من الفروع هو علم الفقه الشريف.
قوله : فافهم ...
وهو إشارة إلى ان الحق مع المصنف قدسسره ، إذ لا يتفاوت الحال في وجوب طرح الظن الممنوع والأخذ بالظن المانع بين القول بحجية الظن بالطريق ، أو الظن الواقع أو بهما معا بعد ما عرفت من عدم اجتماع استقلال العقل بحجية الظن مع احتمال المنع شرعا عن الظن بالخصوص فضلا عن الظن بالمنع شرعا عن حجية الظن بالخصوص ولكن خفيت هذه النكتة على القائل بحجية الظن بالواقع بدليل الانسداد ، ذهب هذا القائل إلى وجوب الأخذ بالظن الممنوع دون الظن المانع بناء على مختاره من عدم اعتبار الظن بالطريق ولكن إذا التفت القائل بحجية الظن بالواقع إلى هذه النكتة المذكورة لقد طرح الظن الممنوع وأخذ الظن المانع.
فالنتيجة : فالنزاع لفظي صوري بين القائل بوجوب طرح الممنوع وبوجوب أخذ الظن المانع كالمصنف قدسسره ومن تبعه ، وبين القائل بوجوب أخذ الظن الممنوع كما ذهب إليه بعض الأعلام رضي الله عنهم.