انسداد باب العلم فيها كما سيجيء هذا المطلب في طي الأمر الرابع إن شاء الله تعالى.
قوله : تنبيه لا يبعد استقلال العقل بلزوم تقليل الاحتمالات المتطرقة ...
كلمة التنبيه بحسب الاعراب اما مرفوع على إنه خبر لمبتدا مقدر في نظم الكلام أي هاهنا تنبيه ، واما منصوب على إنه مفعول به لفعل مقدر أي أذكر لك تنبيه ، واما مسكون ذكر للتنبيه ، نظير كلمة الأسد الأسد في مقام تحذير المخاطب.
والغرض منه إنه إذا حصل الظن بالحكم الشرعي الكلي من أمارة قامت عليه ولكن كان احتمال الخلاف ناشئا من احتمال امور كثيرة مربوطة تارة بسند تلك الأمارة ، واخرى بدلالتها ، وثالثة بجهة صدورها. ورابعة بمتنها ، ولكن إذا تمكن المجتهد من سدّ بعض أبواب تلك الاحتمالات بسبب الفحص عن وجود حجة رافعة لبعضها ، أو لتمامها سواء كانت الحجة المذكورة علما أم كانت علميا فقد وجب عليه تحصيل تلك الحجة ورفع الاحتمال حتى الامكان ، وإن لم ينته إلى العلم بالحكم الشرعي.
والسر في الأمر : إن ارتفاع احتمال الخلاف ولو من بعض الجهات موجب لقوة الظن بالحكم فالعقل يحكم في زمان الانسداد بعدم جواز التنزل من الظن القوي إلى الظن الضعيف وبعدم جواز العمل على طبق الضعيف بمناط أقربية القوى منه إلى الواقع من الضعيف منه.
وعلى طبيعة الحال : يجب الاقتصار على القوي منه ، ولا يجوز التنزل في صورة انسداد باب العلم والعلمي إلى الضعيف من الظن مع التمكن من القوى منه كما لا يجوز للمجتهد بل للمكلف التنزل من العلم إلى الظن عقلا ، إذ العلم أقرب من الظن إلى الواقع فالاحتمالات الحادثة بسند الرواية ، أو الدلالة ، أو جهة الصدور واجبة الدفع مهما أمكن ، إذ فهم مراد الشارع المقدس من الأخبار والروايات يتوقف على إحراز سند الروايات والأخبار وإحراز دلالتها وإحراز جهة صدورها حتى يحصل