وتوضيحه : أن القطع من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة ومعنى كونه من الصفة الحقيقيّة انّه من الامور المتأصّلة الواقعية في قبال الامور الانتزاعية التي لا وجود لها إلّا لمنشا انتزاعها ، وفي قبال الامور الاعتبارية التي لا وجود لها إلّا باعتبار من معتبر ، فإنّ القطع ممّا له تحقّق في الواقع ونفس الأمر بلا حاجة إلى اعتبار معتبر وبلا لحاظ منشأ الانتزاع ، ومعنى كونه ذات الإضافة ان القطع ليس من الصفات الحقيقيّة المحضة كالأعراض التي لا تحتاج في وجودها الخارجي ، إلّا إلى وجود موضوع فقط كالبياض والسواد مثلا بل هو من الصفات ذات الإضافة بمعنى كونه محتاجا في وجوده إلى المتعلّق مضافا إلى احتياجه إلى الموضوع فإنّ القطع كما يستحيل تحقّقه بلا قاطع كذلك يستحيل تحقّقه بلا مقطوع به ؛ وكذا العلم يستحيل تحقّقه بلا عالم فكذا يستحيل تحقّقه بلا معلوم ، والقدرة من قبيل العلم لا يعقل تحقّقها إلّا بقادر ومقدور ولهذا قسّمت صفات الباري جلّ ذكره إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : هو الصفة الحقيقيّة المحضة كحياته تعالى شأنه ، إذ لا يتوقّف تحقّقها إلى المحيي أصلا.
الثاني : هو الصفة ذات الإضافة المحضة ، كخالقيته ورازقيته ، إذ يتوقّف تحقّقه إلى المخلوق والمرزوق.
الثالث : هو الصفة الحقيقيّة ذات الإضافة كعالميّته وقادريّته ، إذ يتوقّف تحقّقها إلى الموضوع ، وهو عالم وقادر ، وإلى المتعلّق ، وهو معلوم ومقدور.
فاذا كان للقطع جهتان :
الاولى : كونه من الصفات المتأصلة ، وله تحقّق واقعي.
الثانية : كونه متعلّقا بالغير وكاشفا عنه ، وإذا كان كذلك فقد يكون مأخوذا في الموضوع بلحاظ الجهة الاولى ؛ وقد يكون مأخوذا في الموضوع بملاحظة الجهة