أولى من الطرح والرجوع إلى الأصل العملي والجمع بينهما يكون ثابتا بحمل أدلة الاحتياط على الاستحباب والأفضلية فالاحتياط في الشبهات أولى وأفضل من البراءة فيها ، وهذا لا إشكال فيه لأنه حسن عقلا وطريق النجاة ، ولا يخفى انه على عدم ورود دليل الاحتياط على دليل السعة لا يقع المكلف في ضيق من أجل الحكم الواقعي من الوجوب الواقعي اللوح المحفوظي والحرمة الواقعية الكذائية ، هذا كله على تقدير كون وجوب الاحتياط طريقيا إلى تحفظ الواقع ومقدّميا له.
نعم لو كان الاحتياط في كل مورد واجبا نفسيا كسائر الواجبات النفسية ، كالصلاة والزكاة وأمثالهما ، لكان وقوع المكلفين في ضيق الاحتياط بعد علمهم بوجوبه من جهة قيام الأدلة عليه.
وعليه : كانت أدلة الاحتياط واردة على دليل السعة ، لكنه قد عرفت في طي الاستدلال على البراءة بحديث الرفع أن وجوبه طريقيا ومقدميا لا نفسيا جعل هذا الوجوب له من قبل المقنن المعظم لأجل أن لا يقع العباد في مخالفة الواجب الواقعي ، أو الحرام الواقعي أحيانا وفي بعض الأوقات والأزمان.
قوله : فافهم ...
وهو إشارة إلى إن كون العلم بالحكم الواقعي الذي أخذ غاية للسعة يكون بمعنى العلم بالوظيفة الفعلية.
وعليه : إذا قام الدليل على وجوب الاحتياط ولو كان وجوبه طريقيا مقدميا فقد علم المكلف بالوظيفة الفعلية ، وهي عبارة عن الاحتياط في الشبهات فيكون دليل الاحتياط واردا على دليل السعة ، أو إشارة إلى الجواب الذي سيأتي عن دليل الاحتياط إن شاء الله تعالى في ضمن رد مذهب الاخباريين القائلين بالاحتياط في الشبهة الحكمية التحريمية.
وهذه الرواية معروفة بين الأصحاب بمرسلة الصدوق قدسسره إنصافا هذه الرواية