يكن دليل الحجّية متكفّلا لترتيب آثار القطع على الطرق والامارات ، فكيف تكون قائمة مقامه وتنوب منابه ، كما لا يخفى.
فحال الطرق والأمارات ، كحال سائر الموضوعات والصفات ، إذ قيام الموضوع مقام موضوع آخر كقيام الفقاع مقام الخمر مثلا ، يحتاج إلى الدليل الذي ننزله منزلته.
وقيام صفة مقام صفة ثبت كونها موضوعا للحكم يحتاج الى الدليل أيضا ، وتلك كالعلم بعدد الركعات في المكتوبة ، ولكن الدليل الشرعي نزّل الظن به منزلة العلم ، وهكذا سائر الموارد ، ولهذا أفتى الفقهاء قدسسرهم ، بأن الظن بعدد الركعات حكمه كالعلم بعددها.
قوله : ومنه قد انقدح عدم قيامها بذاك الدليل مقام ...
قد تعرّض المصنّف قدسسره المقام الثالث ، وقال : قد ظهر لك من عدم قيام الطرق والامارات مقام القطع الموضوعي الوصفي عدم قيامها مقام القطع الموضوعي الطريقي بمجرّد دليل حجّيتها واعتبارها ، إذ دليل حجيّة الطرق والامارات ، لا يثبت لها إلّا كونها كالقطع في الطريقيّة إلى الواقع والكشف عنه.
والحال ان للقطع آثار أخر غير الطريقيّة والكشف من ذاتية حجّيته ومن كونه كشفا تامّا كاملا ومن عدم اجتماعه مع احتمال الخلاف ، ولهذا سمّي القطع قطعا لقطع احتمال الخلاف فيه ، امّا بخلاف الظن فلوجود احتمال الخلاف فيه ، ولهذا يجتمع مع الوهم فالموضوع لحكم وهو ؛ وجوب التصدّق الكاشف التام وهو القطع ، فالخبر الواحد وان كان صحيحا اعلائيّا كاشف ناقص والبيّنة كاشفة ناقصة والناقص لا يصلح أن يقوم مقام الكامل وينوب منابه.
فلا يقوم مقام القطع الموضوعي الطريقي شيء من الطرق والامارات بمجرّد حجيّتها ، إذ دليل حجيّتها واعتبارها يدلّ على طريقيتها إلى الواقع كالقطع ، ولا يدلّ