تحقّقت المفسدة تحقّقت المضرّة وبالعكس ، فهذا الجواب يرجع إلى منع الصغرى لأنّ الخصم رتّب الصغرى والكبرى بهذا الشكل وهو ، في ارتكاب المشتبه ضرر هذه صغرى القياس ؛ إن قلنا بالملازمة بين المفسدة والمضرّة وبين المصلحة والمنفعة.
وعلى هذا : فيجب الترك في الشبهة الحكمية التحريمية ، ويجب الفعل في الشبهة الحكمية الوجوبية ؛ وكل ضرر يجب دفعه ، هذه كبرى القياس ، فارتكاب المشتبه يجب دفعه ، هذه نتيجة القياس بلزوم التوقّف في المشتبهات وبوجوب الاحتياط في الشبهات البدوية بعد الفحص. امّا المصنّف قدسسره فيجاب بأن احتمال الضرر في ارتكاب المشتبه ضعيف غالبا لا يعتنى به قطعا ، كما تقدّم هذا في طي قوله لأنّ المفسدة ليست بضرر غالبا كما في ارتكاب السرقة والغصب وأمثالهما.
نعم قد تكون المفسدة ضررا كما إذا اشترى الخمر ثم شرب مثلا ولو اعتنى العقلاء باحتمالات الضعيفة في المضرّات لانسد باب المسافرة والسياحة والتجارة والصناعات إذ في ارتكاب كلّها احتمال الضرر و
المضرّة ، كما لا يخفى.
قوله : مع أن الضرر ليس دائما ممّا يجب التحرّز عنه عقلا ...
هذا إشارة إلى منع الكبرى وإن سلّمنا الصغرى على الفرض وقلنا ان النسبة بين المفسدة والمضرّة وبين المصلحة والمنفعة من النسب الأربع تساو كلّي كالنسبة بين الإنسان والناطق والحيوان والماشي مثلا ، أي لا يجب شرعا ولا يلزم عقلا دفع الضرر المتيقّن فضلا عن المظنون والمحتمل بل قد يلزم عقلا ويجب شرعا ارتكاب بعض المضار المتيقّنة عند مزاحمتها مع ما هو أهم في نظر العقل وفي نظر الشارع المقدّس ممّا في الاحتراز عن ضرره مع القطع به فضلا عن احتماله.
ولا يخفى ان في عبارة المصنّف قدسسره هنا غلقة لكثرة الضمائر فيها وهي ثمانية ، أحدها مستتر في ليس على انه اسمه وهو مرفوع محلّا ، والباقي بارز.