وكيف كان فلا بدّ هنا من توضيح الأمرين :
أحدهما : في توضيح مفهوم الأصل الموضوعي.
ثانيهما : في توضيح تقدّم أصالة عدم التذكية على اصالة الاباحة واصالة الطهارة هل هو بالورود كما اختاره المصنّف أم بالحكومة وهو مختار الشيخ الأنصاري قدسسره.
امّا توضيح الأمر الأوّل فتقريبه ان الأصل الموضوعي يطلق على الأصل الذي يجري في الموضوع من الموضوعات لاحراز حكمه ولكشف لازمه ، وذلك مثل استصحاب بقاء خمرية المائع الذي شك في انقلابه خلّا ، ولا ريب في ان هذا الاستصحاب رافع لموضوع اصالة الحلية في المائع المشكوك كونه خمرا أو خلّا. مثلا : إذا كان المائع خمرا في الزمن السابق وشك في انقلابه خلّا في الزمن اللاحق فاستصحبنا بقاء خمريته فيه وهو رافع لموضوع اصالة الحلية لأنّ هذا المائع معلوم الخمرية تعبّدا لأنّ الاستصحاب يجعل المستصحب بمنزلة المعلوم وموضوع أصالة الحلية مشكوك الخمرية والحرمة.
ومعلوم الخمرية معلوم الحرمة ، أنت ترى أن هذا الاستصحاب يحرز الموضوع تعبّدا فيترتّب عليه حكمه ، وهو الحرمة.
امّا توضيح الأمر الثاني فقد اختار الشيخ الأنصاري قدسسره حكومة الأصل الموضوعي على الأصل الحكمي.
وعليه : فتقديم اصالة عدم التذكية على اصالة الاباحة واصالة الطهارة ثابت بعنوان الحكومة ، ولكن المصنّف صاحب الكفاية قدسسره اختار في وجه تقديمها عليهما ورودها عليهما ، وهو الأصح.
امّا ورودها على البراءة العقلية فواضح إذ موضوعها عدم البيان العقلي والشرعي على مطلق الحكم سواء كان واقعيا أم كان ظاهريا والاستصحاب المذكور