من الاتيان بكل ما احتمل وجوبه شرعا من الاجزاء والشرائط بتمامه وكماله.
غاية الأمر انّه لا بدّ أن يؤتى بكل ما احتمل وجوبه بحكم العقل على نحو لو كان كل ما احتمل مأمورا به لكان ما احتمل وجوبه مقربا بشرط أن يؤتى به بداعي احتمال الأمر أو بداعي احتمال محبوبيّته عند الله تعالى فيقع حينئذ على تقدير الأمر به امتثالا لأمر المولى تعالى شأنه ، ويقع ما احتمل وجوبه على تقدير عدم الأمر به واقعا انقيادا لجنابه تبارك وتعالى.
فالنتيجة : يستحق المكلّف المحتاط الثواب على الاحتياط على كل حال ، امّا على الطاعة للمولى الجليل إن كان له أمر واقعا ، وامّا على الانقياد إن لم يكن له أمر واقعا فالمكلف المحتاط إمّا مطيع للمولى وإمّا منقاد له. وعلى أي حال فهو يستحق المدح في الدنيا والثواب في العقبى.
ولهذا أفتى الأصحاب رحمهمالله بإمكان الاحتياط في العبادات مطلقا أي سواء كان مقتضيا للترك ، كما إذا دار الأمر بين الحرمة وبين غير الوجوب ، أم كان مقتضيا للفعل كما إذا دار الأمر بين الوجوب وبين غير الحرمة ، أم كان مقتضيا للتكرار كما إذا لم يعلم المسافر الذي يبيت ليلا في رأس أربعة فراسخ أن صلاته قصر أم تمام فإذن لا بد له من أن يحتاط بإتيان صلاته مرّة قصرا وبإتيانها تماما اخرى ، وكذا الصلاة في الثوبين المشتبهين بحيث كان أحدهما طاهرا والآخر نجسا واشتبها.
«لا حاجة إلى اخبار من بلغه ثواب في إمكان الاحتياط في العبادات».
قوله : وقد انقدح بذلك انّه لا حاجة في جريانه ...
قد ظهر : من التحقيق الذي قد مضى من عدم إمكان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر للزوم الدور كما يمكن أخذ سائر الاجزاء والشرائط فيه مثلا يصحّ أن يقول المولى صلّ مع الركوع والطهارة ولا يصح ان يقول صلّ مع قصد القربة كما مرّ تفصيله في بحث التعبّدي ، انّه لا حاجة في جريان الاحتياط في العبادات إلى تعلّق