التخيير استمراري أي يكون المكلّف مخيّرا في كل مرتبة بين الفعل والترك ، لأنّ المكلّف ليس بقادر على الامتثال والموافقة القطعية وكذا لا يقدر على المخالفة القطعية فيمكن له تحصيل الموافقة الاحتمالية وحصولها لازم عقلا بعد العجز عن تحصيل الموافقة القطعية.
وعليه : إذا فعله فتحتمل الموافقة والمخالفة والإطاعة والعصيان ، وكذا إذا تركه حرفا بحرف وليس الترجيح لأحدهما على الآخر ، فالعقل يحكم بالتخيير بينهما من حيث العمل ، يعني إذا فعله فلا عقاب عليه ، وإذا تركه فلا عقاب عليه أيضا على تقدير الخلاف ، ولكن توقفنا عن الحكم بإباحته ظاهرا لأنّ الحكم بالإباحة ينافي العلم الاجمالي بوجوبه أو حرمته وهو ليس بمباح واقعا ولا ظاهرا.
الوجه الرابع : هو الحكم بالتخيير بين الفعل والترك عقلا مع الحكم عليه بالاباحة ظاهرا شرعا ، والمختار عند المصنّف قدسسره هو الوجه الرابع فله دعويان ؛ الاولى التخيير العقلي بين الفعل والترك ، الثانية الاباحة شرعا ، واستدل على مدّعاه الأوّل بأن المكلّف لا بدّ له من الفعل أو الترك ولا ترجيح لأحدهما على الآخر في مقام العمل ، فالعقل يحكم بأنّه مخيّر بينهما عقلا ، واستدل على مدعاه الثاني بأنّ أدلّة البراءة الشرعية شاملة للمقام وهي نحو : كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف انّه حرام بعينه ، وأمثاله نحو : الناس في سعة ما لا يعلمون ، ورفع ما لا يعلمون وو.
والحال انّه لا مانع عن الحكم بالإباحة عقلا ، كما في الشبهة المحصورة إذ جريان قاعدة الحل فيها يوجب عدم الاجتناب عن جميع أطرافها.
والحال انّه يجب الاجتناب عن جميع الأطراف بحكم العقل مقدّمة للعلم بفراغ الذمّة عن التكليف الذي هو معلوم بالإجمال ، هذا مثال المانع عن الحكم بالاباحة.
وامّا محل البحث فليس المانع العقلي بموجود من جريان قاعدة الحل إذ