وعليه : فلا يمكن للمكلّف احتياط ، مثل صلاة الجمعة في عصر الغيبة إمّا واجبة وإمّا محرّمة فلا يمكن الموافقة القطعية ولا المخالفة القطعية إذ لا يمكن للمكلّف أن يكون فاعلا وتاركا لها ، وكذا لا يمكن أن لا يكون فاعلا ولا تاركا إذ الأوّل : اجتماع النقيضين. والثاني : ارتفاع النقيضين ، وهما محالان عقلا.
وفي هذا الدوران وجوه ذكر المصنّف قدسسره أربعة منها :
الأوّل : هو الحكم بالبراءة عقلا ونقلا ، فالمشتبه حلال إذ خصوص الوجوب بما هو وجوب مشكوك فيه فتشمله البراءة العقلية وقاعدة قبح العقاب بلا بيان ويشمله عموم البراءة الشرعية مثل رفع ما لا يعلمون ، والناس في سعة ما لا يعلمون ، وما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم أي مرفوع عنهم ، والعموم في البراءة الشرعية مستفاد من الموصول في الروايات ، ومثل كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف انّه حرام بعينه فتدعه. فالعموم مستفاد من لفظ الكلّ في هذه الروايات.
فالنتيجة : إذا أجرينا البراءة العقلية والنقلية في هذا الشيء إذ ليس لنا علم تفصيلي بخصوص وجوبه ولا حرمته فنحكم بالإباحة أي بإباحة صلاة الجمعة.
الوجه الثاني : هو الحكم بوجوب الأخذ باحدهما تعيينا بأن يأخذ باحتمال الحرمة فإن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، وللاستقراء فإنّ الشارع المقدّس قدّم احتمال الحرمة على احتمال الوجوب في الموارد ، منها حكمه بترك الصلاة وبإفطار الصوم في أيام الاستظهار وهي عبارة عن رؤية الدم بعد أيّام عادة الحيض ، فيدور الأمر فيها بين وجوب الصلاة والصوم على المرأة إذا تجاوز الدم عن عشرة أيّام من أوّل رؤيته ، وبين حرمتهما عليها إذا لم يتجاوز عن العشرة ، وغير هذا المورد من الموارد الأخر.
الوجه الثالث : هو الحكم بوجوب الأخذ بأحدهما تخييرا بأن تخيّر بين الأخذ باحتمال الوجوب فيلزمه الفعل ، والأخذ باحتمال الحرمة فيلزمه الترك ، وهذا