وقياس الدوران بين المحذورين بتعارض الخبرين باطل فإنّ التخيير بين الخبرين من حيث العمل على تقدير كون حجية الاخبار من باب السببيّة والموضوعيّة يكون على طبق القاعدة لأنّ كلا الخبرين واجدان لمناط وجوب الأخذ ، ويكون هذا التخيير مثل التخيير بين الواجبين المتزاحمين كانقاذ الغريقين مثلا.
ولا بدّ قبل الخوض في البحث من توضيح معنى السببيّة ، فيقال نفس تبعيّة الامارة مشتملة على مصلحة كاملة جابرة لمصلحة الواقع.
وعلى هذا ؛ لو فرض كون الامارة مخالفة للواقع لكان نفس التبعيّة عن الامارة جابرا لمصلحة الواقع فالقائلون بالسببيّة يقولون ان التبعيّة عن الامارة التي تدلّ على وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة تكون ذات مصلحة تامّة ، ولكن القصور يكون عن ناحية المكلّف لأنّه لا يقدر على مراعاتهما معا لأنّه إمّا فاعل وإمّا تارك.
هذا معنى السببيّة ، وبعد الفراغ عن هذا التوضيح نشرع في توضيح فساد القياس المذكور.
وخلاصة القياس : انّه لا إشكال في وجوب الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين إذا دلّ أحدهما على وجوب شيء ، والآخر على حرمته.
والحال : انّه لا فرق بين مورد تعارض الخبرين وبين المقام.
وعلى ضوء هذا : فما دلّ على وجوب الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين تخييرا فهو دالّ عليه في مقام البحث ، وهذا القياس يكون استدلال القائل بالتخيير الشرعي في صورة دوران الأمر بين المحذورين.