في الجواب عنه :
أجاب المصنّف قدسسره عنه : بأنّ قياس المقام بصورة التعارض قياس مع الفارق فإنّه إذا بنى على كون حجيّة الأخبار من باب السببيّة ، فالتخيير بينهما حينئذ على القاعدة لأنّ كل فرد من الخبر يكون واجدا لمناط وجوب الأخذ به ، فمع تعارض الخبرين لما لم يمكن الأخذ بهما معا فقد وجب الأخذ بأحدهما تخييرا ، كما هو القاعدة في جميع المقتضيات المتزاحمات التي لا يمكن اعمال جميعها فإنّ المكلّف يتخيّر بينهما في الاعمال كالغرقى اللذين لا يمكن إنقاذ جميعها أو كالغريقين اللّذين لا يمكن للمكلّف إنقاذهما معا.
وحينئذ لا مجال لقياس صورة دوران الأمر بين المحذورين بصور التعارض فإنّ كلا من احتمالي الوجوب والحرمة لا اقتضاء له في وجوب الأخذ به حتّى يتخيّر بينهما من جهة التزاحم إذ هذا الشيء ، وذلك كصلاة الجمعة ، امّا واجب واقعا وامّا حرام واقعا.
وعليه : فالمقتضى لوجوب الأخذ إمّا وجوب فقط على تقدير كونه واجبا واقعا ، وإمّا حرام فقط على تقدير كونه حراما واقعا.
وامّا إذا بنى على كون حجيّة الأخبار من باب الطريقية كما هو مختار المصنّف قدسسره ومن تبعه ، فالأصل عند التعارض هو التساقط دون الترجيح والتخيير ، إلّا انّه لمّا قام الدليل على الترجيح مع وجود المرجّح والتخيير مع عدم المرجّح. ولكن من المعلوم عدم وجود صفة الطريقية وعنوان الكاشفية عن الواقع في احتمالي الوجوب والحرمة ، فكيف يصحّ قياس المقام بتعارض الخبرين المتعارضين على هذا المبنى.
خلاصة الجواب : ان قياس المقام بمتعارضين باطل أي بخبرين متعارضين يكون أحدهما دالّا على وجوب الشيء والآخر على حرمته ، لأنّ حجيّة الأخبار