لا تخلو من وجهين امّا بمناط السببية بهذا المعنى إذا قام الخبر على حكم فقيامه علّة تامّة لفعليّته وتنجّزه أي فعلية الحكم وتنجّزه ، وامّا بمناط الطريقيّة أي لا يكون قيام الخبر على الحكم سببا لفعليّته وتنجّزه بل هو كاشف عن حكم مجعول فعلى منجز.
وعلى الفرض الأوّل : إذا تعارض الخبران فيكون التخيير بينهما في مقام العمل على القاعدة إذ كل واحد منهما يكون سببا لفعليّة الحكم وتنجّزه.
وعليه : إذا التزمنا بمضمون كلّ واحد منهما فيصحّ هذا الالتزام ، ولما لم يكن الترجيح موجودا في البين فلا جرم يكون الحكم بالتخيير بين الخبرين المتعارضين على القاعدة كما يحكم بالتخيير على القاعدة بين الواجبين المتزاحمين ، وذلك كالغريقين اللّذين لا يقدر المكلّف على انقاذهما معا ، ولم يكن الترجيح بينهما من حيث الايمان وعدمه ومن حيث العدالة وعدمها ومن حيث الورع وعدمه و ....
وعلى الفرض الثاني : وان كان في الواقع أحد الحكمين والمجعول الفعلي والمنجز واقعا احدهما وليس كليهما معا ، فيكون أحدهما بمناط الطريقية إلى الواقع كاشفا عنه ، والآخر يكون على الخطأ فلازم هذا عدم القول بالتخيير بينهما ، ولكن لمّا كان الخبران واجدين لجميع شرائط الحجيّة وإلّا لما تحقّق التعارض ، وليس الترجيح بينهما بموجود فلا جرم من أن من تشمله أدلّة التخيير وهي تقتضي التخيير بينهما من حيث العمل كما تقتضي أدلّة الترجيح تقديم ذي المرجّح على غيره.
وعلى ضوء هذا : فالتخيير بين الخبرين المتعارضين يكون على أساس القاعدة ومستندا إلى الحجّة والبرهان ، ولكن في فرض دوران الأمر بين احتمال الوجوب واحتمال الحرمة ليس التخيير على أساس القاعدة ولا مستندا إلى البرهان إذ القاعدة تقتضي الأخذ بخصوص الحكم الصادر من الشارع المقدّس واقعا.
ولا يخفى عليك أن هذا المعنى يحصل بالالتزام الإجمالي بما هو واقع ، فلو التزمنا في المقام بخصوص أحدهما المعيّن امّا الوجوب وامّا الحرمة للزم