فكل هذه يدلّ على حجيّة قطع القطاع ، كما لا يخفى ، لأنّ الملاك في حجيّة القطع عقلا هو كشفه عن الواقع وهذا المناط موجود في قطع القطاع.
هذا كلّه في قطع القطاع إذا أخذ طريقا إلى الحكم الشرعي ، وامّا إذا أخذ في موضوع الحكم فسيأتي بحثه إن شاء الله تعالى.
قوله : نعم ربّما يتفاوت الحال في القطع المأخوذ في الموضوع شرعا ...
هذا استدراك عن عدم التفاوت المذكور ، إذ يتفاوت الحال والمطلب في القطع الذي أخذ في موضوع الحكم ، إذ يحتمل أن يكون غير شامل للقطع الذي حصل من الأسباب غير المتعارفة ، وذلك كقطع القطاع ، فالقطع الموضوعي هو القطع الذي حصل من الأسباب المتعارفة. وليس بغيره أصلا فالمتبع في عموم سبب القطع وخصوصه دلالة دليل الحكم وهي مختلفة ، إذ ربّما يدلّ دليل الحكم على اختصاص الحكم بموضوع أخذ فيه القطع الحاصل من السبب الخاص كالحسّ مثلا لا من كلّ سبب من الحدس والرؤيا مثلا ، أو من شخص خاص كالمجتهد ، أو كأهل الخبرة مثلا.
وربّما يدلّ دليل الحكم على اطلاقه بموضوع أخذ فيه القطع قيدا ، أو يدلّ على عمومه به فيشمل حينئذ كل أفراد القطع سواء حصل من الأسباب المتعارفة أم حصل من الأسباب غير المتعارفة سواء كان قطع العادي أم كان قطع القطاع.
ولا ريب ان الدليل الذي يدلّ على الحكم الذي أخذ القطع قيدا في موضوعه مختلف جدّا من حيث دلالته على الاختصاص وعلى التعميم والاطلاق بحسب اختلاف المقامات وبحسب مناسبات الأحكام والموضوعات ، وبحسب القرائن الخارجية.
فاختلاف المقامات في عموم القطع الموضوعي وخصوصه قد يعرف عن مناسبات الاحكام والموضوعات وتلك كمناسبة الوجوب والجهاد مع أهل الكفر