__________________
وفي قوله «فحج آدم موسى» أقوال كثيرة ، أمثلها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمهالله ـ : «فآدم ـ عليهالسلام ـ إنما حج موسى ، لأن موسى لامه على ما فعل لأجل ما حصل لهم من المصيبة ، بسبب أكله من الشجرة ، لم يكن لومه له لأجل حق الله في الذنب ، فإن آدم كان قد تاب من الذنب ، كما قال تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ ...) ، وقال تعالى : (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) ، وموسى ـ ومن هو دون موسى ـ عليهالسلام يعلم أنه بعد التوبة والمغفرة لا يبقى ملام على الذنب ، وآدم أعلم بالله من أن يحتج بالقدر على الذنب ، وموسى عليهالسلام أعلم بالله تعالى من أن يقبل هذه الحجة ، فإن هذه لو كانت حجة على الذنب لكانت حجّة لإبليس عدو آدم ، وحجة لفرعون عدو موسى ، وحجة لكل كافر وفاجر وبطل أمر الله ونهيه ...»
وقال : «... فإن الإنسان ليس مأمورا أن ينظر إلى القدر عند ما يؤمر به من الأفعال ، ولكن عند ما يجري عليه من المصائب التي لا حيلة له في دفعها ، فما أصابك بفعل الآدميين أو بغير فعلهم اصبر عليه ، وارض وسلّم ، وقال تعالى : «ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه» ...... ـ وأيضا : فإن آدم أحتج بالقدر ، وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين ، وسائر أهل الملل ، وسائر العقلاء ، فإن هذا لو كان مقبولا لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له ، من قتل النفوس ، وأخذ الأموال ، وسائر أنواع الفساد في الأرض ، ويحتج بالقدر. ونفس المحتجّ بالقدر : إذا اعتدي عليه واحتج المعتدي بالقدر لم يقبل منه ، بل يتناقض ، وتناقض القول يدل على فساده ، فالاحتجاج بالقدر معلوم الفساد في بدائه العقول ...».
وقال : «... وعلى العبد أن يؤمن بالقدر ، وليس له أن يحتج به على الله ، فالإيمان به هدى ، والاحتجاج به على الله ضلال وغيّ ، بل الإيمان بالقدر يوجب أن يكون العبد صبارا شكورا ، صبورا على البلاء ، شكورا على الرخاء ، إذا أصابته نعمة علم أنها من عند الله فشكره ، سواء كانت النعمة حسنة فعلها ، أو كانت خيرا حصل