قال : وإذا عرفت هذه الجملة علمت أنّ الوقف على قوله : (إِلَّا اللهُ)(١) ووصله بقوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(٢) جائزان ، وأنّ لكلّ منهما وجها حسبما دلّ عليه التفصيل المتقدّم ، انتهى وهو حسن (٣).
قوله : (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)(٤) أي مثّل لهم من حسبوه إياه. يقال : إنّه ألقى شبهه عليهالسلام على رجل دلّ عليه. فدخلوا فوجدوه بعد ارتفاعه عليهالسلام فأرادوا صلبه ، فقال : أنا صاحبكم. فلم يصدّقوه. ويقال : شبه وشبه وشبيه نحو مثل ومثل ومثيل. وحقيقتها في المماثلة من جهة الكيفية كاللون والطعم المشار إليهما بقوله تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)(٥) كما تقدّم تحقيقه.
والشّبهة : ما يخيل للإنسان حقيقة شيء والأمر بخلافها. قال الراغب (٦) : والشّبهة : أن لا يتميّز أحد الشيئين عن الآخر لما بينهما من التّشابه عينا كان أو معنى. وذكر حذيفة رضي الله عنه «فتنة» فقال فيها «تشبّه مقبلة ، وتبين مدبرة» (٧). قال شمر : معناه أنّ الفتنة إذا أقبلت [شبّهت] على القوم (٨) وأرتهم أنّهم على الحقّ حتى يدخلوا فيها ويرتكبوها. فإذا انقضت بان أمرها ، و [علم](٩) من يرتكبها كان على خطأ من الرأي.
__________________
(١) ٧ آل عمران : ٣.
(٢) تابع الآية السابقة.
(٣) يعني انتهى كلام الراغب.
(٤) ١٥٧ النساء : ٤.
(٥) ٢٥ البقرة : ٢.
(٦) المفردات : ٢٥٤.
(٧) النهاية : ٢ ٤٤٢.
(٨) إضافة من النهاية (٢ ٤٤٢) لمتابعة السياق. والكلام منقول منه.
(٩) إضافة من النهاية.