الجنة تبتدره بكوز من الماء. فقال لها شطا : اسقني. فقالت : لست لك. فقالت له أخرى أحسن منها : لو كنت مسلما وقتلت كنت لك. فترك صفهّم وجاء لصفّ المسلمين ، فابتدروه ليقتلوه فأشار إليهم فأمسكوا عنه حتى قصّ قصته. ثم لم يزل يقاتل قومه ويقاتلونه حتى قتل رحمهالله. فأخذ ودفن هناك. فمن ثمّ يزار. فهذا معنى قول من قال : إنهم يشاهدون في تلك الحالة ما أعدّ لهم. وقيل : لأنهم عند الله ـ أي عند حياته (١) ـ كقوله تعالى : (وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ)(٢) فبيّن جهة العنديّة.
قوله تعالى : (تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ)(٣) أي نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى : (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً)(٤) أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، أي تحضره. وقيل : معناه أنّ صاحبه يشهد الشفاء والرحمة المشار إليهما بقوله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(٥) والتوفيق والسّكينات والأرواح. قوله تعالى : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ)(٦). قال ابن عباس : معناه أعوانكم. وقال مجاهد : الذين يشهدون لكم. وقال بعض أهل العلم : معناه من يعتدّ بحضوره عكس من قيل في حقّهم : [من البسيط]
مخلّفون ويقضي الله (٧) أمرهم |
|
وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا |
وقيل : يجوز فيه جميع ما ذكر في معنى الشهادة. وكذا جوّز في قوله : (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً)(٨). قوله : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٩) أي لا يفوت علمه شيء. وفيه إشارة إلى معنى ما تضمّنه قوله تعالى : (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ)(١٠). وقوله : (يَعْلَمُ السِّرَّ
__________________
(١) وفي ح : جنايته.
(٢) ١٩ الحديد : ٥٧.
(٣) ٩٩ آل عمران : ٣.
(٤) ٧٨ الإسراء : ١٧.
(٥) ٨٢ الإسراء : ١٧.
(٦) ٢٣ البقرة : ٢.
(٧) البيت من شواهد المفردات : ٢٦٨. وفي الأصل : الناس ، والتصويب منه.
(٨) ٧٥ القصص : ٢٨.
(٩) ٧٩ النساء : ٤ ، وغيرها.
(١٠) ١٦ غافر : ٤٠.