مرشح ؛ صوّر أن الأرض كلّها صارت مجالا لهم ومع ذلك أحسّوا بضيقها ، ثم لم يكتف بذلك حتى رشّحه بقوله : (بِما رَحُبَتْ) يعني مع رحبها وسعتها.
قوله : (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ)(١) مثل في شدّة الخناق وسدّ طرق الفرج ؛ جعل أنفسهم شيئا يوصف بالسّعة والضّيق تمثيلا ، قوله : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً)(٢) وقرئ مخفف الياء كميّت وميت ، إشارة إلى ضيق النفس المذكور. وجعله حرجا مبالغة في ذلك ، عكس من وصفه بأن شرح له صدره. والمراد التعمية والتحيّر على من أراد إضلاله والتّبصرة والدلالة لمن أراد هدايته. ولا دليل أوضح منه على مذهب أهل السّنّة كما بينّاه في غير هذا. وقال ابن السكّيت : الضّيق والضّيق بمعنى واحد كما تقدّم. وعن الفراء : المفتوح ما ضاق عنه صدرك ، والمكسور الذي يتّسع ويضيق كالدار والثوب. وقوله : (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أصله من ذرع الناقة ، وهو خطوها. فإذا أعيت قيل : ضاق ذرعها ومذارعها : قوائمها. فجعل مثلا لمن ضاق صدره وعجز وقلّت حيلته. وذرعا تمييز محمول من الفاعلية إذ الأصل : ضاق ذرعه.
قوله : (وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ)(٣) يشمل التضييق في النّفقة وفي المعاشرة ، وأيّ ضيق أضيق منهما؟
__________________
(١) ١١٨ التوبة : ٩.
(٢) ١٢٥ الأنعام : ٦.
(٣) ٦ الطلاق : ٦٥.