وأما الثاني : فلأن طرح الدلالة وبقاءها تدور مدار الأغراض الصحيحة المحاورية ، فمع وجود الغرض الصحيح في البين يؤخذ بالدلالة الالتزامية وتطرح المطابقية ـ كما في الكنايات ونحوها ـ ومع عدمه تنتفي جميع الدلالات.
وبالجملة فإن ذلك كله يدور مدار الأغراض المعتبرة ، ونفس هذه الجملة : طرح الدلالة التبعية أولى من طرح الدلالة الأصلية ، يحتاج في إثباتها إلى دليل وهو مفقود ، مع أن هذا الدليل عين المدعى بعد التأمل كما لا يخفى.
وأما الثالث : فهو بمعنى الغلبة في الجملة ، لا بأس به ، لكن في تمام مدلوله لا في بعضه ، فلا دليل على كلية هذه القضية بوجه.
نعم ، لو كان المراد بالجمع الجمع العرفي المقبول عند ذوي الأذهان القويمة والسلائق المستقيمة.
والمراد من الإمكان القياسي منه بالنظر إلى القرائن الخارجية والداخلية ، فهو حق لا ريب فيه ، فيكون المراد بالاولى حينئذ هو اللزوم ، كما في قوله تعالى : وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ .
وهذا النحو من الجمع شائع في الفقه ؛ بل في جميع العلوم مطلقا ، فتكون القضية بناء على هذا التفسير من القضايا التي يغني تصورها عن الاستدلال عليها.
وأما إذا كان المراد بالجمع مطلق الجمع ولو كان بعيدا عن الأذهان ولم يكن عليه دليل ولا برهان. وكان المراد بالإمكان الذاتي منه في مقابل الاستحالة الذاتية ، أو الإمكان الوقوعي في مقابل الامتناع العادي العرفي ، فلم يقل بصحة هذا النحو من الجمع أحد من العقلاء فضلا عن العلماء.
وموضوع هذا الجمع إنما هو صدور المتعارضين عن واحد ، أو من هو كالواحد ـ كالأئمة عليهمالسلام ـ وأما لو كان صدورهما عن المتعدد فلا موضوع للجمع