أهل كل مذهب وملة ـ حقا كان أو باطلا ـ لا يقدمون على أخذ شيء من أحكام مذهبهم من المذهب المخالف لهم إلا إذا ثبت الاتحاد فيه بالدليل المعتبر ، وهذا أيضا في الجملة من الفطريات ، وأوجب الشارع ذلك أيضا احتفاظا على المذهب الحق أن تتدخل فيه المذاهب الفاسدة. وقد احتمل فيه وجوه أخر :
منها : أنه لأجل التعبد المحض.
وفيه : ما لا يخفى.
ومنها : أن لنفس المخالفة من حيث هي موضوعية خاصة.
وفيه : أنه إن رجع إلى ما قلناه فهو ، وإلا فيحتاج إلى دليل وهو مفقود.
ومنها : أن الصواب في خلافهم ، وهو حق في الجملة.
ومنها : أن الموافق صدر تقية.
وفيه : أنه يرجع إلى ما قبله.
ومنها : أنه لأجل إلقاء الخلاف وإن كان الموافق أقرب إلى الواقع ، ويشهد له صحيح زرارة حيث قال أبو عبد الله عليهالسلام : «لو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم النّاس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم» ، وفي خبر أبي خديجة : «لو صلّوا على وقت واحد عرفوا فأخذوا برقابهم» ، وهذا وجه حسن جدا ، كما لا يخفى على من تأمل في حالاتهم عليهمالسلام وما ورد عنهم. وقد ذكر غير ذلك من الوجوه المذكورة في الكتب المبسوطة.
ولا يخفى أن طرح الموافق عند التعارض لا ينافي وجوب الأخذ به أحيانا للتقية ، لأن كلا من الطرح والأخذ جهتي ، لا أن يكون مطلقا.
الثاني : قد عرفت أن موافقة الكتاب من المرجحات ، والمنساق منها ما إذا كان الحكم في الكتاب وكان موافقا له ، ويمكن حملها على عدم المخالفة ـ كما في بعض الأخبار الأخر ـ ثم حمل عدم المخالفة على عدم المخالفة ولو على نحو السالبة بانتفاء الموضوع ، فيصير عدم المخالفة حينئذ أوسع دائرة من