والخامس يرجع إلى الرابع ، فلا وجه لعدّه قسما مستقلا إن كان المراد الوجود الصحيح ، وإن كان المراد مطلق الوجود فهو خارج عن مورد البحث قطعا ، لأن البحث في مقدمة الواجب لا في مقدمة المسمّى ، كما أنه لا بد من خروج مقدمة الوجوب عن مورد البحث أيضا ، لأنه قبل حصول المقدمة لا واجب في البين حتى يترشح منه الوجوب إلى مقدمته ، وبعد الحصول لا معنى للترشح ، لأنه من تحصيل الحاصل.
وكذا لا ريب في خروج مقدمة الامتثال عن مورد البحث ، إذ ليس فيه إلّا اللابدية العقلية وليس فيه وجوب مولوي ترشحي حتى يكون مورد البحث ، ولو ورد دليل عليه لا يكون إلا إرشادا محضا فانحصرت المقدمة ـ التي تكون مورد البحث ـ في الخارجية والداخلية بالمعنى الأعم.
التقسيم الثالث : قد قسّموا المقدمة بلحاظ الزمان الى المقارنة ، كالاستقبال للصلاة ، وعربية الإيجاب والقبول في العقود مثلا. والمتقدمة ، كتقدم الوصية على حصول الملكية للموصى له بعد موت الموصي في الوصايا التمليكية.
والمتأخرة ، كالإجازة لعقد الفضولي في حصول الملكية من حيث العقد بناء على الكشف. فيلزم تخلل الزمان ـ قليلا كان أو كثيرا ـ بين العلة والمعلول في الأول ، وتقدم المعلول على العلة في الثاني ، وهما ممتنعان ، كما ثبت ذلك في فن الحكمة بالدليل والبرهان ، والعلة بجميع أجزائها وجزئياتها مقدمة على المعلول رتبة لا زمانا ، كتأخر المعلول عن العلة فإنه رتبي فقط.
والمراد بأجزاء العلة وجزئياتها ما إذا تحققت في ضمن العلة التامة لا بدونها ، إذ العلية والمعلولية من الامور الإضافية ، فالأجزاء والجزئيات غير المتحققة في ضمن العلة التامة أجزاء استعدادية لا فعلية ، والكلام في الثانية دون الاولى. والعلة التامة مقارنة مع المعلول زمانا وإن اختلفا رتبة ، كقولك : «تحركت