في الجملة الذي هو مناط تحقق الدور الباطل.
وفيه : أن عدم الآخر لا يستند إلى وجود ضده ؛ بل يستند إلى عدم إرادته مع إرادة ضده ، ويكفي في عدم إرادته الإجمال والارتكاز بلا احتياج إلى الالتفات التفصيلي ، فيكون عدم إرادته منطويا في إرادة ضده من دون احتياج إلى إرادة مستقلة ، كانطواء إرادة إجمالية في إرادة تفصيلية مما هو كثير شائع.
ثم إنه بعد بطلان أصل المقدمية رأسا يظهر بطلان القول الثالث ، وهو مقدمية وجود أحد الضدين لترك الآخر من دون عكس ، كظهور بطلان التفصيل بين تحقق الضد فيتوقف وجود الضد الآخر على رفعه ، وبين فراغ المحل عن الضدين ، فلا توقف في البين لابتناء ذلك كله على ثبوت المقدمية في الجملة ، وقد أثبتنا بطلان المقدمية مطلقا ، فلا يبقى موضوع لهذه الأقوال رأسا.
كما اندفع بما ذكر الشبهة المنسوبة إلى الكعبي أيضا حيث قال في تقرير الشبهة :
إن ترك الحرام متوقف على فعل من الأفعال فيكون إتيان ذلك الفعل مقدمة له ، وترك الحرام واجب ، ومقدمة الواجب واجبة فيلزم من ذلك انتفاء المباح.
وجه الدفع .. أولا : ما أثبتناه من نفي المقدمية رأسا ، فلا موضوع لأصل الشبهة.
وثانيا : أنه يكفي في ترك الحرام وجود الصارف عنه ، بأي وجه اتفق من جهة دينية أو دنيوية مطلقا. نعم ، لو انحصرت علة ترك الحرام في فعل من الأفعال على نحو العلية التامة المنحصرة لا ريب في وجوب ذلك الفعل حينئذ.
والحاصل : أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده مطلقا ، لا بنحو الملازمة ولا بنحو المقدمية.