استحالة صدور ما هو على خلاف ما يعلمه الله تعالى ، اذ لو صدر غير ما هو المعلوم ازلا لزم ان يكون الصادر مجهولا لله تعالى ازلا وهو محال.
والجواب عنه ـ ان علم الله تعالى لا يرتبط بالارادة التكوينية له وليس هو علة للفعل. فلا يمنع ان يتعلق بالفعل الذى يختاره العبد. ـ اى ان الفعل بواقعه ينكشف له وليس العلم الا انكشاف الواقع من دون ان تكون له اية مدخلية فيه ، وهو بهذا المعنى لا ينافى الاختيار اذ لا يتعلق إلّا بما يختاره العبد فيفعله.
والحاصل : ان الاشاعرة نفوا وجود سلطنة لدى العبد يستطيع ان يعملها فى افعاله الصادرة منه ، واثبتوها لله سبحانه وتعالى. واعتبروا العبد آلة بيده نظرا الى انتهاء ارادة العبد الى الارادة الازلية. وكيف يختار ما هو خلاف الارادة ، وبهذا وقعوا فى الالتزام بلوازم واضحة البطلان كنفى العدالة عنه تعالى لمعاقبته العبيد على ما ليس باختيارهم وهو ظلم ، وكادعائهم بان العقل لا يستطيع ان يدرك حسن بعض الاشياء ، وقبحها. بل الحسن ما امر به المولى ، والقبح ما نهى عنه.
التفويض
وهناك شبهة اخرى ، وهى شبهة تفويض الله العبد فى افعاله الى قدرته الاستقلالية يفعل ما يشاء ، ويعمل ما يريد. دون ان تكون هناك سلطنة ، وارادة اخرى على افعاله. فالعبيد مفوضون فيما يعملونه فان عوقبوا فالعقاب على اختيارهم ، وسوء ارادتهم فهؤلاء وان التزموا بالمحافظة على ثبوت العدالة لله سبحانه وتعالى. إلّا ان المحذور فى حديثهم نفى سلطنة الله تعالى ، والالتزام بوجود شريك له. ولهذا وردت الاخبار بلعن المفوضة ، وذمهم. وانهم مجوس هذه الامة حيث التزموا اعنى المجوس بوجود إلهين