(الاستعمال المجازى)
هل صحة استعمال اللفظ فى المعنى المناسب للمعنى الحقيقى تستند الى الوضع النوعى أو انها بالطبع؟ وجهان ، بل قولان : ذهب صاحب الكفاية ـ قده ـ الى الثانى. بتقريب ان كل مورد يستحسن الطبع استعمال لفظ فى معنى ، ويراه مناسبا يجوز الاستعمال فيه ، وإن منع الواضع من ذلك. ولا يجوز ذلك فيما لا يستحسنه الطبع ، وإن أذن الواضع.
ثم إن النزاع فى هذه المسألة يتوقف على ان تثبت مغايرة بين المعنى المجازى ، والحقيقى. بحيث يستعمل اللفظ تارة فى المعنى الحقيقى ، واخرى فى المجازى. اما لو التزمنا بمقالة السكاكى ـ من عدم المغايرة بين المعنيين ، وإنما هناك استعمال واحد فى المعنى الحقيقى غاية الامر ان له فردين حقيقى وادعائى ـ وهو يختلف فى مرحلة التطبيق دون الاستعمال فلا تغاير بين المعنيين ليقع النزاع فى صحة استعمال اللفظ فى غير ما وضع له من دون إذن من الواضع وعدمها فلو قال القائل : جئنى بأسد ـ مثلا ـ فقد استعمل اللفظ فى معناه الحقيقى ـ وهو الحيوان المفترس ـ إلا أنه طبق هذا المفهوم على الرجل الشجاع ، وفى ذلك نوع من المبالغة ، وهى لا تتأتى لو قال : جئنى برجل شجاع.
ثم إن القول بتوقف صحة الاستعمال فى المعنى المجازى على إذن الواضع يتوقف على ان يكون هناك واضع مخصوص ، قد جعل اللفظ لمعنى حقيقى ثم ياذن فى استعماله فى معنى مناسب للمعنى الحقيقى ـ لعلاقة مصححة لذلك الاستعمال ـ بحيث كان كل من يريد الاستعمال لا بد من لحاظه لتلك العلاقة. اما لو تم القول بأن الواضع ليس شخصا واحدا ، بل