ـ التنبيه الثالث ـ
قد يكون الموضوع الذى يحمل عليه المشتق مغايرا لمبدئه ـ كما فى زيد قائم ـ وقد يكون متحدا معه ـ كما فى صفاته تعالى مثل الله عالم وقادر ـ ولا ريب فى صحة الاول ، انما الاشكال فى الثانى من جهتين :
(الاولى) انه يعتبر فى المشتق ـ كما عرفت ـ تغاير المبدأ مع الذات وكيف يتم هذا المعنى فى صفاته تعالى المحمولة عليه التى اتحد المبدأ فيها مع الذات.
الثانية ـ ان المشتق عبارة عن قيام المبدأ بالذات ، وهو يقتضى الاثنينية بينهما ، وفرض اتحاده مع الذات ـ كما فى صفاته تعالى ـ يستلزم تلبس الشىء بذاته ، او قيام الشىء بنفسه ، وهو محال. مضافا الى انتفاء الاثنينية على هذا التقدير.
((الصفات الجارية عليه تعالى))
وقبل التحقيق فى ذلك نقول : ان بعض الصفات ، التى تصدق عليه تعالى قد تكون عين الذات ، وانها من الاوصاف الذاتية له كالقدرة والعلم وما عاد الى ذلك. وبعضها الآخر تنتزع من افعاله ، وهى مغايرة للذات كالخالق ، والرحيم ، والكريم ، فان ذاته مغايرة لافعاله اذا لخلق غير الله ، وكذا الرحمة ، والكرم. فحال هذا البعض كسائر المشتقات الجارية على الذات.
وصاحب الفصول ـ قده ـ التزم بالتجوز والنقل فى الصفات الذاتية ، فرارا من المحذورين المتقدمين. اما صاحب الكفاية فقد اجاب عن المحذورين السابقين :