عن غيره ، وهو باطل بالضرورة.
و (ثالثا) ـ ليس من المسلم دائما أن يكون الحرف ملحوظا آليا ، وطريقا للغير. فهناك بعض الموارد يلحظ الحرف بلحاظ استقلالى ، ويكون منظورا اليه بنفسه ، وذلك كما لو علمنا ان زيدا حل فى بلد ونعلم انه سكن فى مكان ولكنه لا نعلم المكان بخصوصه ، فنسأل عن تلك الخصوصية التى هى مدلول الحرف فنقول : سكن زيد فى اى مكان. ولا ريب ان المنظور اليه حينئذ نفس الخصوصية. مع العلم ببقية جهات القضية.
فالمتحصل من المجموع انه ليس ثمة اتحاد بين المعنيين اصلا.
القول الثانى : الذى هو فى حد التفريط. ما ينسب الى المحقق الرضى (قده) ايضا ان الحروف ليس لها معنى اصلا ، وانما جيء بها فى الكلام علامة على وجود خصوصية فى المقام ، فهى كالاعراب من هذه الجهة. فكما ان الرفع ، والنصب ، والجر لا يستفاد منها معانى ، وانما هى قرينة على وجود خصوصية فى مدخولها يشير اليها كالفاعلية والمفعولية ، فكذلك الحروف.
(وبعبارة اخرى) الحروف علامة على إرادة خصوصية من خصوصيات مدخولها ـ كالاعراب فان مدخولها ، وهى الدار ـ مثلا فى قولنا فى الدار لها احوال كثيرة : منها ـ ملاحظتها بمالها من الوجود التكوينى كسائر الموجودات فيصح الاخبار عنها. ويقال : الدار واسعة.
واخرى ـ بملاحظتها بمالها من الوجود الاينى الذى يراد منها المكان ، ومحل الاستقرار فيقال : زيد فى الدار.
وثالثة ـ وقوعها مبدأ للسير ، فيقال : سرت من الدار الى المدرسة.
ورابعة ـ وقوعها منتهى إليها ، فيقال : وصلت الى الدار.