(تمايز العلوم)
اختلف القوم فى المائز بين العلوم هل انه بالموضوع أو بالمحمول او بالغرض؟ كما ذهب اليه صاحب الكفاية (قده) والظاهر ان مركز النفى والاثبات ليس امرا واحدا ليقع الخلاف فيه ، (فتارة) يراد من تمايز العلوم مرحلة الاثبات لمن يجهلها. و (اخرى) يراد منه التمايز فى مرحلة الثبوت وفى مقام التدوين.
(اما المقام الاول) فحقيقته ان كل شخص إذا كان جاهلا بحقيقة علم من العلوم واراد معرفته والاحاطة به ـ ولو بصورة إجمالية ـ فللعالم بذلك العلم ان يميزه له عن غيره بما شاء من التمييز بالموضوع او المحمول او الغرض على سبيل الاجمال او التفصيل ، فله ان يقول ـ مثلا ـ : غاية علم النحو حفظ اللسان عن الخطاء فى المقال ، او ان موضوعه الكلمة والكلام ، او ان محموله الاعراب والبناء ولعل الوجه ـ فى من خص المائز بالموضوعات ـ هو اسبقية الموضوع على غيره بحسب الرتبة ، فان المحمول تابع له ، والغرض يترتب على ثبوته للموضوع.
و (اما المقام الثانى) فلان كل مؤلف لعلم. بعد اختياره جملة من المسائل المتشتتة ، وتدوينها فى كتابه مقتصرا عليها ـ يختلف تمييزه باختلاف الدواعى (فتارة) يكون هناك غرض خارجى يترتب على العلم والمعرفة بتلك المسائل ، كما فى اغلب العلوم ، فلا بد من البحث عن كل مسألة اشتملت على ذلك الغرض ، كما لا بد ـ فى هذا الفرض ـ من التمييز بالغرض. وليس للمدون ان يميزها بالموضوعات ، إذ لا عبرة ـ فى الفرض ـ بوحدة الموضوع وتعدده ، على انه يقتضى جعل كل باب بل كل مسألة