بهذه الحروف الخاصة فقد أبرز بها معنى فى ضميره. فهذا القسم من الحروف مفاده كالانشاء من ناحية كشفها عن شىء ما فى النفس ـ حسب ما التزم به المتكلم ـ وبهذا اختلف القسم المذكور عن بقية الحروف التى تدخل على الجمل الناقصة ، فانها لا تفيد إلا تضييق المعانى الاسمية ـ كما سبق.
ومن هنا اتضح حال وضع الحروف ، وإنها من قبيل الوضع العام ، والموضوع له الخاص. وذلك بعد أن قلنا : إن الحروف تفيد تضييق المعانى الاسمية. فالحروف بنفسه لم يكن موضوعا لمفهوم التضييق لانه معنى اسمى ، بل وضع لواقع التضييق الطارى على مثل الصلاة ، والاكل ، والشرب فان الواضع قد تصور مفهوم التضييق الذى هو معنى اسمى ، ولاحظه مرآة الى افراده ، وبهذا اللحاظ وضع الالفاظ بازاء تلك الافراد. فكان الوضع عاما والموضوع له خاصا.
(الفرق بين الجمل الخبرية والانشائية)
ادعى صاحب الكفاية ـ قده بعد بيان المعنى الحرفى ان الفرق بين الخبر والانشاء كالفرق بين المعنى الاسمى والحرفى ، وان الاختلاف بينهما فى مرحلة الاستعمال.
وهذا مبنى على ما هو المشهور من ان الجملة الخبرية تدل على ثبوت النسبة الخارجية او على عدمها. بخلاف الجمل الانشائية فانها تفيد ايجاد المعنى فى نفس الامر والواقع ، فلو قلنا : (بعت) فالمادة دلت على حقيقة البيع التى هى مبادلة مال بمال ، والهيئة قد أفادت نسبة ذلك الشىء الى المتكلم. فان قصدنا من هذا الاستعمال الاخبار عن ثبوت النسبة سمى (إخبارا).