وغير خفى ان اساس الاشكال المزبور امران : (احدهما) ـ الالتزام بان البحث فى العلوم لا بد وان يكون من الاعراض الذاتية لموضوع العلم. و (ثانيهما) ـ الالتزام بان العارض على الشىء ـ بوساطة الخارج الاخص او الداخل الاعم ـ من الاعراض الغريبة. ويمكننا منع كلا الامرين على سبيل منع الخلو. وذلك بان يقال : إن كل مسألة إن ترتب عليها الغرض الداعى الى تدوين العلم فهى من مسائله ، سواء كان محمول هذه المسألة من العوارض الذاتية لموضوع العلم ام لم يكن ، مثلا كل مسألة ترتب على نتيجتها تعيين الوظيفة الفعلية فى مرحلة العمل ، فهى مسألة اصولية وان كان محمول تلك المسألة من العوارض الغريبة لموضوع العلم ، وبالعكس لو فقدت المسألة ترتب الغرض المذكور على نتيجتها كانت خارجة عن المسائل الاصولية وان كان محمول المسألة من العوارض الذاتية ، فان الاختصاص فى البحث عن الذاتى فقط لم ينص عليه دليل بالخصوص. ولو سلمنا لزوم ان يكون البحث عن العرض الذاتى ، لا مكن دعوى ان العارض بواسطة الخارج الاخص او الداخل الاعم من العوارض الذاتية ، إذن يرتفع الاشكال من دون حاجة الى التكلف فى جوابه. ثم إن المراد بالعارض ـ هنا ـ كل امر لاحق للموضوع ، سواء كان من الامور الاعتبارية الجعلية ـ كما فى الاحكام الشرعية ـ ام كان من الامور الواقعية من الجواهر والاعراض او غيرها ـ كالوجود والوجوب والاستحالة والامكان ـ فالمراد بالعارض هنا ما يقابل الذاتى فى باب الكليات ـ وإن كان من الذاتى فى باب البرهان. نعم لا يبحثون فى العلوم عن ذاتيات الموضوع ومقوماته. وكيف كان فما جاء به المحقق النائينى (قده) ـ وأتعب نفسه فى دفع الاشكال بالاخذ بالحيثيات ، وانها حيثيات تقييدية ـ لا حاجة له ، بل الجواب ما ذكرناه.