الملاحظة فهو وضع مجهول لمجهول. فكان لزاما على كل واضع ان يلاحظ اللفظ والمعنى لحاظا استقلاليا ، ومن اجل هذا المعنى اختلف الاستعمال عنه باعتبار ان الاستعمال يوجب الغفلة عن اللفظ ، بحيث يكون النظر إليه آليا غالبا ؛ لان غرض المستعمل القاء المعنى امام المخاطب ، فالاتجاه الحقيقى إنما هو فى ناحية المعنى ، واما اللفظ فقد كان طريقا فى الوصول الى ذلك. وشأن كل طريق ان يكون مغفولا عنه ، وغير ملتفت إليه.
وبناء على هذا فالبحث يقع فى مقامين :
الاول ـ من حيث لحاظ اللفظ.
والثانى ـ من حيث لحاظ المعنى.
(اما المقام الاول) فلا بد للواضع من ملاحظة اللفظ اولا ملاحظة استقلالية ، من دون فرق بين ان يكون لحاظه له لحاظا شخصيا ، او بعنوان مشير اليه.
بيان ذلك : ان وضع الالفاظ على قسمين : شخصى ، ونوعى.
والاول : ـ على قسمين : قسم موضوع للمعنى بمادته وهيئته ـ كاسماء الجوامد ـ مثل الحجر والمطر وشبههما. فان لفظ الحجر لوحظ بمادته وهيئته الخاصة ، ووضع للجسم الحجرى بحيث لو تغيرت الهيئة ، او تبدلت المادة لما دل اللفظ على المعنى المذكور.
وقسم موضوع للمعنى بمادته الخاصة ـ كلفظ جلس ـ المؤلف بحسب المادة من الجيم واللام والسين ، فانه وضع لمعنى يقابل القيام من دون اختصاص لهذه الهيئة بالدلالة ، بل كل هيئة طرأت على هذه الحروف الثلاثة ، فاللفظ يدل على المعنى المذكور. وهذا لا ينافى شخصية الوضع