جهات القضية.
وأما ما استشهد به من ان ما لا استقلال له فهو شبيه بالحرف ، فهو وإن كان صحيحا إلا أن التشبيه من حيث عدم الاستقلالية لا من حيث كونه آليا ، ومرآتا. وهذا لا يكون شاهدا على ان المعنى الحرفى آلى. نعم يستكشف منه ان المعنى الحرفى غير مستقل بالمفهوم.
(القول الرابع) ما ذهب إليه بعض مشايخنا المحققين ـ قده ـ من ان الحروف عبارة عن النسب ، والروابط القائمة بين الجواهر والاعراض التى لا وجود لها فى نفسها. وبيان ذلك : ان الوجودات على اربعة اقسام.
القسم الاول ـ ما يكون مستقلا فى حد نفسه بحسب الخارج غير مفتقر. فى تحققه ووجوده الى شىء آخر يقوم به ، او يعرض عليه كما أنه لا يتوقف حصوله فى الخارج على علة موجدة له فيقال : هو موجود فى نفسه ، ولنفسه ، وبنفسه ـ بمعنى انه فى حد ذاته يحمل عليه الوجود كما ان وجوده غير محتاج الى موضوع وعلة أصلا ـ وهذا هو (واجب الوجود).
القسم الثانى ـ ما يكون وجوده مستقلا فى نفسه ، ويحمل عليه الوجود ، ووجوده غير محتاج الى محل يقوم به ، او يعرض عليه. وإنما كان من ناحية إيجاده مفتقرا الى علة تقتضيه ـ وهذا القسم هو الجوهر كزيد وعمرو ـ فيقال : زيد موجود فى نفسه ولنفسه إلا أن وجوده كان بغيره ، وبسبب آخر ، فيقال : (موجود فى نفسه ولنفسه وبغيره).
القسم الثالث ـ ما يكون موجودا فى نفسه ، ويستحق اطلاق الوجود عليه ، إلا أن وجوده فى الخارج محتاج إلى محل يقوم به ، وموضوع يعرض عليه ـ كما يتوقف وجوده على علة تكوّنه وتقتضيه ـ وهذا (كوجود الاعراض) حيث انها وجودات فى نفسها ولكن بغيرها ولغيرها. لا أنها