واقعها واما (فى) فتدل على خصوصية قد نسبت إلى الذات وهى تحقق كون ما منه وتلك الخصوصية هى التى صححت النسبة ، ولولاها لما كان فى الكلام مناسبة. اما الهيئة فهى تشير الى ذلك العرض المتحقق من زيد وتحمله عليه ، وهذه الخصوصية التى يكشفها الحرف تختلف (فتارة) تكون وجودا أينيّا مكانيا. وأخرى ـ ابتدائيا. وثالثة ـ انتهائيا.
فالمتحصل من هذا القول ان الحروف تدل على العرض المنتسب إلى موضوع ما ، والهيئة تدل على ربط ذلك العرض بموضوع بعينه ، وتحققه خارجا. فاصبحت الحروف موضوعة للاعراض النسبية ، كما أن الهيئة تدل على تحققها فى الخارج.
وهذا القول فاسد بل اوضح من سابقه فسادا. أما فساده : فلان الحروف ربما تستعمل فى موارد غير قابلة لنسبة العرض الى معروضه ، فيقال : إن الله عالم بكذا ، وقوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) وامثالهما. وإذا كان معنى الحروف الاعراض النسبية كان لازمه استحالة استعمال الحروف فى هذه الموارد ، لانه تعالى أجل من ان يتصف بالاعراض النسبية وغير النسبية.
واما اوضحية الفساد : فلان معنى هذا القول ان (فى) موضوعة للظرفية لانها العرض النسبى ـ اعنى كون شىء فى شىء وهذا المفهوم معنى اسمى ، ولازمه اتحاد المعانى الاسمية والحرفية بحسب الذات ، ويكون التخيير بينهما باللحاظ. مع انه ـ قده ـ بنفسه اعترف بتغاير المعنيين ، فهذا نقض لما التزم به.
(المختار)
والصحيح أن يقال : إن الحروف وضعت لمعان ومفاهيم غير مستقلة