عليه. وإن اريد من هذه المناسبة ان الواضع يلتفت اليها حين الوضع ، فينبعث بسببها الى اختيار لفظ مخصوص ـ فهو باطل جزما ، لان الواضع عند الوضع لا يلتفت دائما الى وجود مناسبة ذاتية بين اللفظ والمعنى ، لتكون تلك المناسبة قد دعته لاختيار لفظ مخصوص من بين سائر الالفاظ ، كما نشاهد ذلك فى الاعلام الشخصية وأسماء الاجناس. وقد يخترع الواضع لفظا مخصوصا ، فيضعه للمعنى فى الوقت الذى ليس لذلك اللفظ سابقة فى عالم الالفاظ ، فيكون كالمرتجل من هذه الجهة.
هذا. وربما يتحقق الوضع من الصبيان أحيانا. وبديهى انهم لا يلتفتون الى وجود مناسبة بين الامرين ـ لو كانت هناك مناسبة لينبعثوا بسببها الى الاختيار.
وربما يقال بانه لو لا المناسبة الذاتية بين اللفظ والمعنى للزم الترجيح بلا مرجح ، وهو باطل.
والجواب عنه : (اولا) ـ ان المحال هو الترجح بلا مرجح كالمعلول بلا علة والفعل بلا فاعل ، واما الترجيح بلا مرجح فليس بمحال. (بيان ذلك) : ان الترجيح امر اختيارى يمكن ان يرجح الشخص احد الفعلين على الآخر ، وإن لم تكن فيه مزية تستوجب التقديم. وسببه انه لما كانت ضرورته تدعوه الى إيجاد أحد الفعلين ، وكان كل منهما وافيا فى القيام بالغرض ، فلا ريب ان تلك الضرورة هى التى تدعوه لان يختار احدهما ويترك الآخر ، وإن لم تكن مزية وخصوصية فى الفرد الذى اختاره ، مثلا : لو فرضنا ان هناك اوانى متعددة من الماء ، وكان كل إناء مساويا للآخر فى جميع الخصوصيات المحتملة : من البرودة والكمية وما شاكلهما ، ومن الاتفاق ان الانسان اضطر الى شرب الماء ليرفع عطشه ، بحيث كان كل