ثم إن الواسطة الخارجية أعم أو أخص أو مساوية أو مباينة ، فهذه سبعة أقسام. وقد اتفقوا على ان ما كان عروضه على الشىء بلا وساطة امر داخلى أخص كالفصل من العرض الذاتى ، كما انهم تسالموا على ان ما كان عروضه بوساطة الامر الخارجى ـ باقسامه ـ من العرض الغريب. وقد اختلف فى العوارض بوساطة امر داخلى اعم من حيث انه ذاتى ام غريب ، ومن هنا استشكل القوم فى كيفية الجمع والتوفيق بين تعريفهم للموضوع ـ وهو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية.
وتسالمهم بان العارض بوساطة الخارج من الغريب ، حيث وجدوا محمولات المسائل فى اغلب العلوم من هذا القبيل ، وهو العارض بوساطة الخارج الاخص. مثلا : محمولات مسائل علم الفقه الوجوب ، والحرمة ، وباقى الاحكام ، وهى تعرض على افعال المكلفين بوساطة الصلاة والصوم والزكاة وغيرها من الافعال التى هى اخص من موضوع علم الفقه ، وهو فعل المكلف. وكذا علم النحو ، فان محمولات مسائله الرفع والنصب وغيرهما وهما يعرضان على الكلمة بوساطة الفاعل والمفعول الذين هما اخص من موضوع علم النحو ، وهو الكلمة ، والكلام. وكل هذا من العارض بوساطة الخارج الاخص وقد يتفق ان موضوع المسألة يكون اعم من موضوع العلم ، فيكون العارض حينئذ عارضا على الشىء بواسطة هى اعم ، كما فى علم الاصول ، فان موضوعه ـ حسبما قيل ـ الادلة الاربعة ، مع ان البحث عن جواز اجتماع الامر والنهى لا يختص بالخطاب الشرعى ، بل يشمل غيره حتى لو كانا غير شرعيين. وكذا البحث عن ظهور الامر فى الوجوب وهذا الاشكال جار منذ عهد قديم ، حتى ان صدر المتألهين قد تعرض له فى اسفاره واجاب عنه بما يختص بالفلسفة.