وعلى القول بالسببية ببعض اقسامها ، والى الاجزاء على السببية ببعض معانيها الآخر ، وقبل ان نبدأ بتحقيق الحق فى المسألة نقول : لقد تسالم على خروج الامارات الشرعية الجارية فى الشبهات الموضوعية عن البحث ـ كالبينة ـ وقاعدة اليد ، وغيرهما ، مما يجرى فى تنقيح الموضوع وذلك لان قيامها على شىء لا يوجب قلب الواقع عما هو عليه ، باعتبار ان القائلين بالتصويب فى الاحكام الشرعية لم يقولوا به فى الموضوعات الخارجية وسيجىء ـ إن شاء الله تعالى ـ عدم معقولية الاجزاء ، الا مع الالتزام بذلك ـ مثلا ـ لو قامت البينة الشرعية على ان الدار لزيد فنقلت بناقل شرعى الى غيره ثم بعد ذلك انكشف الخلاف لم يكن مجزيا لان البينة لا تغير الواقع عما هو عليه ولا توجب قلب ملكية زيد الى عمر ، وكذا لو قامت البينة على ان المائع الخارجى ماء فتوضأ به ثم انكشف خلافه لم يكن مجزيا ، لما قلناه ، كما انهم تسالموا على خروج موارد كشف الخلاف لو كان ما تصوره المكلف من قيام الدليل خيالا واوهاما ـ مثل ـ ما لو استظهر معنى من لفظ وعمل على مقتضاه استنادا الى حجية الظهورات ثم بعده انكشف الخلاف وعدم ظهور له فى المعنى المعين ، فلا ريب فى عدم حجية المعنى الاول لعدم اندراجه تحت حجية الظهورات ، وكذا لو وجد فى سلسلة الرواة (ابن سنان) فاعتقد انه ـ عبد الله ـ الثقة ، فعمل على طبق خبره ثم بان له انه ـ محمّد بن سنان ـ المطعون فيه فان الاعتقاد الاول باطل ، لانه صرف خيال وتوهم لا واقعية له.
وانما اختلفوا فى الموارد التى قامت الحجة المعتبرة فيها على ثبوت حكم شرعى كلى ثم انكشف خلاف الواقع فيها بعلم وجدانى ، او بحجة معتبرة ؛ بلا فرق فى ذلك بين موارد الاصول اللفظية والعملية ،