وقد انقدح بذلك (١) : ما في دعوى شيخنا العلامة «أعلى الله مقامه» من كون الإمكان عند العقلاء مع احتمال الامتناع أصلا.
والإمكان (٢) في كلام الشيخ الرئيس : «كلما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه واضح البرهان» ، بمعنى الاحتمال المقابل للقطع والإيقان ، ومن الواضح : أن لا موطن له (٣) إلا الوجدان ، فهو المرجع ......
______________________________________________________
(١) أي : وقد ظهر بما تقدم من الإشكال على السيرة من عدم تمامية الاستدلال على إمكان المشكوك إمكانه بالسيرة العقلائية ، «ما في دعوى شيخنا العلامة من كون الإمكان عند العقلاء مع احتمال الامتناع أصلا» أي : ليس الإمكان أصلا ؛ بل إثباته يحتاج إلى الدليل والبرهان.
(٢) دفع لما يتوهم من أن كلام الشيخ الرئيس دليل على ما ادعاه الشيخ الأنصاري «قدسسره» من الحكم بالإمكان عند الشك ، وأنه طريق يسلكه العقلاء ، فكلام الشيخ الرئيس دال على أن الأصل فيما شك في إمكانه هو الإمكان حتى يثبت امتناعه بالبرهان.
وحاصل الدفع : أن الإمكان في كلام الشيخ الرئيس ليس بمعنى الإمكان الذاتي ولا الوقوعي ، حتى يكون هذا الكلام دليلا على أن الأصل المتبع عند العقلاء ـ لو سلّم ـ هو الإمكان بأحد هذين المعنيين ، أما أنه ليس بمعنى الإمكان الذاتي : فلأن الإمكان الذاتي مما لا نزاع فيه فيما نحن فيه ، مع أنه بمجرده لا يفيد الوقوع الذي هو محل البحث.
وأما أنه ليس بمعنى الإمكان الوقوعي حتى يكون أصلا متبعا يستند إليه في المقام : فلأنه لو كان بمعنى الإمكان الوقوعي لما احتاج المشهور القائلون بإمكان التعبد إلى التمسك في وقوعه ؛ بما سيأتي من الأدلة ، بل الإمكان في كلام الشيخ الرئيس بمعنى الاحتمال المقابل للقطع الشامل لجميع أقسام الممكن ، فمعنى كلام الشيخ الرئيس : «كلما قرع سمعك من الغرائب» فاحتمل أنت وقوعه في الخارج على طبق ما قرع سمعك ؛ ما لم يمنعك واضح البرهان لا أنه كلما قرع سمعك من الغرائب فاحكم بأنه أمر ممكن مع الشك في إمكانه ثبوتا.
(٣) أي : لا موطن للإمكان بمعنى الاحتمال «إلا الوجدان» ، والأمر الوجداني لا يقع محلا للنزاع ، فالإمكان بمعنى الاحتمال من الأمور الوجدانية غير المحتاجة إلى إقامة برهان ، ولعل هذا الكلام دفع لما ربما يتوهم في المقام ، فلا بد أولا من تقريب التوهم ، وثانيا من توضيح دفعه.