بها وامتناعه ، فما ظنّك به؟ لكن دليل وقوع التعبد بها من طرق إثبات إمكانه ، حيث يستكشف به عدم ترتب محال من تال باطل فيمتنع مطلقا ، أو على الحكيم (١) تعالى ، فلا حاجة معه في دعوى الوقوع إلى إثبات الإمكان ، وبدونه لا فائدة في إثباته ، كما هو واضح.
______________________________________________________
الثالث : ما حاصله : أنه مع فعلية التعبد لا حاجة إلى البحث عن الإمكان ، كما لا فائدة في إمكان إثبات التعبد بالظن بدون دليل الوقوع ، لوضوح : أن الأثر العملي مترتب على فعلية التعبد ؛ لا على مجرد إمكانه. هذا ما أشار إليه بقوله : «فلا حاجة معه».
وكيف كان ؛ فالمتحصل : أن الصحيح في مقام الاستدلال على الإمكان أن يستدل عليه بوقوع التعبد بالأمارات الغير العلمية شرعا ؛ لأن وقوع الشيء أقوى الدليل على إمكانه كما لا يخفى ؛ لا بما استدل به المشهور ؛ كي يرد عليه ما أورده الشيخ الأنصاري «قدسسره» ، ولا بما استدل به الشيخ الأنصاري ؛ كي يرد عليه ما أورده المصنف «قدسسره». قال الأستاذ السيد الخوئي «قدسسره» ما هذا لفظه : «وأما ما أورده في الكفاية من الوجوه الثلاثة : فكلها مبتنية على أن يكون مراد الشيخ «قدسسره» من بناء العقلاء على الإمكان بناءهم على ذلك مطلقا ؛ ولكن المحتمل بل المطمئن به أن يكون مراده هو البناء على ذلك عند قيام دليل ظني معتبر عليه ، فإذا اقتضى ظهور كلام المولى حجية ظن ، وشككنا في إمكان ذلك فالعقلاء لا يعتنون باحتمال الاستحالة في رفع اليد عن العمل بالظهور ، فما لم يثبت استحالة شيء كان ظهور كلام المولى حجة فيه ، وهذا نظير ما إذا أمر المولى بوجوب إكرام العلماء ، وشككنا في أن إكرام العالم الفاسق ذو مصلحة ليكون الحكم بوجوبه ممكنا من الشارع الحكيم ، أو أنه ليس فيه مصلحة ليكون ذلك مستحيلا ، فهل يشك أحد في لزوم الأخذ بظهور كلام المولى حينئذ وعدم الاعتناء باحتمال الاستحالة؟ وهذا الذي ذكرناه في بيان كلام الشيخ هو المناسب للبحث عنه في المقام فإنه هو الذي يترتب عليه الأثر العملي ، وعلى ذلك فلا يرد شيء بما أورد عليه في الكفاية» كما في «دراسات في علم الأصول ، ج ٣ ، ص ١٠٦».
(١) كما إذا كان اللازم محالا عرضيا كقبحه عقلا ، نظير تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة ، فإن صدور القبيح من الحكيم تعالى محال لمنافاته لحكمته ، فدليل فعلية التعبد كاشف عن عدم المحال بقسميه.
«وبدونه لا فائدة في إثباته» أي : بدون الوقوع لا فائدة في إثبات الإمكان ؛ إذ مجرده لا يدل على الوقوع.