وإن أبيت إلا عن ذلك ، فالأولى (١) أن يقال : إن المكلف إما أن يحصل له القطع أو لا ، وعلى الثاني : إمّا أن يقوم عنده طريق معتبر أو لا ؛ لئلا يتداخل (٢) الأقسام فيما
______________________________________________________
قوله «لا بد من انتهائه إلى ما استقلّ به العقل من اتباع الظن لو حصل له ، وقد تمت مقدمات الانسداد على تقدير الحكومة» إشارة إلى انتهاء البالغ إلى ما استقل به العقل من اتباع الظن وهو مشروط بثلاثة أمور :
أحدها : حصول الظن له.
ثانيها : تمامية مقدمات انسداد بالعلم والعلمي.
ثالثها : كون تماميتها على نحو يحكم العقل باعتبار الظن ؛ لا أن يكشف عن حكم الشارع باعتباره ، فإذا انتفى أحد هذه الأمور لم ينته إلى الظن ؛ بل يرجع إلى الأصول العقلية كما أشار إليه بقوله : «وإلا فالرجوع إلى الأصول العقلية» يعني : وإن لم تتم مقدمات الانسداد أو تمت ولم يحصل الظن ، وأما لو حصل الظن بعد تماميتها ـ على تقدير الكشف لا الحكومة ـ كان الظن بمنزلة القطع ؛ إذ هو قطع بالحكم الظاهري وكيف كان ؛ فهنا احتمالات :
الأول : أن تتم مقدمات الانسداد ويحصل الظّن على الحكومة ، وعليه : فاللازم اتباع هذا الظن لحكومة العقل بحجيّته عند التعذر عن القطع.
الثاني : أن تتم مقدمات الانسداد ويحصل الظن على الكشف وهذا داخل في القسم الأول المذكور في كلام المصنف أعني : القطع بالحكم ؛ لأنه قطع بالحكم الظاهري.
الثالث : أن تتم مقدمات الانسداد ولم يحصل الظن ، وهذا داخل في الشك بالحكم الذي يكون المرجع فيه الأصول العملية.
وقيد الأصول بالعقلية حيث قال : «وإلا فالرجوع إلى الأصول العقلية» ؛ لأن الأصول الشرعية داخلة في القسم الأول ؛ لأن بها يحصل العلم بالحكم الشرعي الظاهري ، بخلاف الأصول العقلية إذ ليس في موردها إلا الحكم العقلي من الاشتغال والتخيير والبراءة.
(١) وقد عرفت أولوية تثليث المصنف على تثليث الشيخ ، فلا حاجة إلى التكرار.
(٢) إذ على تقسيم الشيخ «قدسسره» يتداخل حكم الظن والشك ؛ إذ جعل الشيخ «قدسسره» مجرى الأصول مختصا بصورة الشك ، ومحل الأمارات في صورة الظن ، مع العلم بأن الظن الذي لا يعتبر شرعا كان حكمه حكم الشك ، فيجب الرجوع فيه إلى الأصول. فقد حصل التداخل في حكم الشك والظن الغير المعتبر.