وكونه موجبا لتنجز التكليف الفعلي فيما أصاب باستحقاق الذّم والعقاب على مخالفته ، وعذرا فيما أخطأ قصورا ، وتأثيره في ذلك (١) لازم ، وصريح الوجدان به شاهد وحاكم ، فلا حاجة إلى مزيد بيان وإقامة برهان.
______________________________________________________
ملازمة بينها وبين متعلقاتها ؛ كالظن والبينة ونحوهما. والحجة بهذا المعنى من خصائص الأمارات الظنيّة المعتبرة شرعا. ولا تطلق على القطع لعدم حاجة إلى جعل الشارع في العمل بالقطع ؛ إذ عرفت أن طريقيته ذاتية تامة عند القاطع ، وحجّيته عقلية فليس من الأدلة الشرعية التي اعتبرها الشارع حجة لإثبات متعلقاتها.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية» و «الوصول إلى كفاية الأصول» :
قوله : «عقلا» قيد لقوله : «وجوب العمل». وقوله : «ولزوم الحركة» عطف تفسير على قوله : «وجوب العمل على وفق القطع عقلا» ، فمعنى وجوب العمل على وفق القطع هو : لزوم الحركة على طبقه جزما بمعنى : لزوم ترتيب آثار المقطوع بمجرد القطع ، مثلا : إذا قطع بوجود الأسد حكم العقل بلزوم الفرار منه.
وقوله : «وكونه موجبا لتنجز التكليف الفعلي» ـ لا الشأني والاقتضائي ـ عطف على وجوب العمل «وعذرا» عطف على «موجبا» بمعنى : معذرا.
(١) أي : وتأثير القطع في وجوب العمل على طبقه لازم لا ينفك عنه ، «وصريح الوجدان» بلزوم العمل على وفقه شاهد وحاكم.
وحاصل الكلام : أن صريح الوجدان شاهد على أن القطع بالوجوب أو الحرمة مثلا يحرك القاطع نحو الفعل في الأول أو الترك في الثاني ؛ بحيث يرى نفسه مذموما على مخالفة قطعه ومأمونا من الذم والعقوبة عند موافقته ، من غير فرق في ذلك بين أقسام القطع وأسبابه ، خلافا لجمع من المحدثين. على ما نسب إليهم. من عدم اعتبار القطع الحاصل من المقدمات العقلية ؛ لكن هذا الخلاف على تقدير صحة النسبة إليهم في غاية الضعف.
وكيف كان ؛ فظاهر كلام المصنف : أن للقطع أثرين عقليين أحدهما : وجوب متابعته وثانيهما : منجّزيته بمعنى : استحقاق العقاب على مخالفته ، والنسبة بين الأثرين هي عموم مطلق ؛ إذ لزوم العمل والحركة على وفق القطع أعم من منجزيته بحجيته ؛ لأن الحجية التي تترتب عليها المنجزية والمعذريّة ثابتة لبعض أفراد القطع أعني : القطع المطابق للواقع أو المخطئ عن قصور دون المخطئ عن تقصير ، بخلاف لزوم العمل على طبقه حيث إنه ثابت لكل فرد من أفراده.