لاستقرار طريقة العقلاء على اتباع الظهورات (١) في تعيين المرادات ، مع القطع بعدم الردع (٢) عنها ، لوضوح (٣) : عدم اختراع طريقة أخرى في مقام الإفادة لمرامه من كلامه ، كما هو واضح.
والظاهر (٤) : أن سيرتهم على اتباعها ، من غير تقييد بإفادتها للظن فعلا ، ولا بعدم الظن كذلك على خلافها قطعا.
______________________________________________________
أما تمامية الأولى : فلبداهة : بناء العقلاء على الأخذ بالظواهر ، وكشفها عن المرادات الجدية للمتكلم ، ولذا لا يقبل اعتذار العبد الذي يخالف ظاهر كلام مولاه بعدم علمه بكون الظاهر مرادا جديا له.
وأما تمامية الثانية ـ وهي إمضاء الشارع طريقة العقلاء بعدم الردع عنها ـ فلوضوح : كون الطريق الموصل لجل الأحكام هو الألفاظ ، فلو كانت هذه الطريقة مردوعة عنده لكان اللازم إحداث طريقة أخرى ، والتالي باطل ، فالمقدم مثله.
وكيف كان ؛ فهذا البناء العقلائي على اتباع الظاهر لا يختص بصورة حصول الظن الشخصي بالوفاق ، ولا بصورة عدم حصول الظن الشخصي بالخلاف ؛ إذ لا يحق للعبد الاعتذار عن مخالفة الأمر الصادر من قبل المولى المبين بكلام ظاهر فيه ـ الاعتذار ـ بأنه لم يكن ظانا بثبوته ، أو كان ظانا بعدم ثبوته.
(١) وقد عبر الشيخ الأنصاري «قدسسره» عن الظهورات بالأصول المعمولة لتشخيص مراد المتكلم.
(٢) أي : ردع الشارع عن طريقة العقلاء.
(٣) تعليل لقوله : «مع القطع بعدم الردع».
(٤) هذا شروع في الإشارة إلى الأقوال في مسألة حجية الظواهر ، وهناك تفاصيل ؛ بل أقوال أشار إليها المصنف :
الأول : أنها حجة مطلقا يعني : سواء أفادت الظن الشخصي أو النوعي بإرادة المتكلم لها أم لا ، وسواء كان ظنّ شخصي أو نوعي بخلافها أم لا ، من غير فرق في ذلك كله بين من قصد إفهامه بها ومن لم يقصد ، ولا بين ظواهر الكتاب وغيره ، فهي منوطة بنفس وضع اللفظ وحجة من غير شرط ؛ لكن ما لم يحصل العلم بإرادة خلافها ، هذا القول هو الذي استظهره المصنف «قدسسره» ، واختاره بقوله : «والظاهر أن سيرتهم على اتباعها ...» الخ.
الثاني : أنها حجة بشرط عدم قيام الظن غير المعتبر على خلافها.