وأما الثانية : فلأن احتواءه (١) على المضامين العالية الغامضة لا يمنع عن فهم ظواهره المتضمنة للأحكام وحجيتها (٢) ، كما هو محل الكلام.
______________________________________________________
المتعارضة على الكتاب ، وما دل على بطلان الشرط المخالف للكتاب ، وما دل على وجوب الرجوع إلى الكتاب ، وغير ذلك ، فإنه لا يمكن طرح تلك الأخبار الكثيرة لأجل ما دل على اختصاص فهم القرآن بأهله «عليهمالسلام». والنسبة بين تلك الأخبار وبين ما يدل على هذا الاختصاص وإن كانت عموما من وجه ؛ لاجتماعهما في الظواهر وافتراقهما في النصوص والمتشابهات ؛ إلا إن الجمع العرفي بينهما يقتضي حمل الأخبار الكثيرة على الظواهر ، وحمل غيرها على غير الظواهر وعلى الظواهر قبل الفحص.
فالمتحصل : أن ظواهر الكتاب حجة كحجية ظواهر الأخبار ، غاية الأمر : أن ظاهر الكتاب كظاهر السنة لا يجوز العمل به قبل الفحص عن المخصص وغيره.
قال الشيخ الأعظم : «هذا كله مع معارضة الأخبار المذكورة بأكثر منها مما يدل على جواز التمسك بظاهر القرآن ، مثل : خبر الثقلين المشهور بين الفريقين ، وغيرها مما يدل على الأمر بالتمسك بالقرآن ، والعمل بما فيه ...». «دروس في الرسائل ، ج ١ ، ص ٢٥٩».
وأما الجواب عن الدعوى الثانية ـ وهي اشتمال الكتاب على المطالب الغامضة المانعة عن انعقاد الظهور له ـ فحاصله : أنه لا يمنع عن حجية الظواهر في الآيات المتضمنة للأحكام الشرعية كما أشار إليه بقوله.
(١) «فلأن احتواءه ...» الخ. أي : احتواء الكتاب «على المضامين العالية الغامضة لا يمنع عن فهم ظواهره ...» الخ. توضيح ذلك : إن الكتاب العزيز لا يحتوي على المضامين العالية بتمام آياته ؛ بل في بعضها ، فلا ينافي غموضها حجية غيرها من الظواهر التي لا غموض فيها.
وبعبارة أخرى : الكلام إنما هو في ظواهر الكتاب لا في المعاني الكنائية ، التي تكون في بطون الآيات ؛ إذ لا ربط لها بالمعاني التي تكون الألفاظ ظاهرة فيها عند أبناء المحاورة.
فالمتحصل : أن محل الكلام هو حجية ظواهر آيات الأحكام.
ومن المعلوم : أنه لا مجال لإنكار وجود ظواهر في آياتها.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(٢) أي : حجية الظواهر. وضمير «هو» راجع على فهم ظواهر آيات الأحكام ؛ لأن محل الكلام هو فهم ظواهر آيات الأحكام ، ولا ارتباط بين تعذر فهم الغوامض وإمكان فهم ظواهر آيات الأحكام ، فلا منافاة بين فهم بعض الآيات ـ كآيات الأحكام مثلا ـ