وأما الثالثة : فللمنع عن كون الظاهر من المتشابه ، فإن الظاهر كون المتشابه هو خصوص المجمل ، وليس (١) بمتشابه ومجمل.
______________________________________________________
لوضوح معانيها ، وبين تعذر فهم آيات أخرى لإجمالها ، كما هو الشأن أيضا في بعض الروايات المشتملة على جمل يكون بعضها مجملا وبعضها ظاهرا ، فإن إجمال مجملها لا يسري إلى الجمل التي هي ظاهرة في معانيها.
هذا تمام الكلام في الجواب عن الدعوى الثانية.
وأما الجواب عن الدعوى الثالثة ـ وهي كون الظاهر من المتشابه ـ فحاصله : منع كون الظاهر من المتشابه ، لأن الظاهر هو ما يتضح معناه وهو خلاف المتشابه الخفي معناه ، فالمتشابه الممنوع اتباعه هو خصوص المجمل لا ما يعم المجمل وغيره حتى يقال بعدم حجية الظاهر لاحتمال كونه من المتشابه. كما أشار إليه بقوله : «فإن الظاهر كون المتشابه هو خصوص المجمل» قوله : «فإن الظاهر» تعليل لمنع شمول المتشابه للظاهر.
(١) أي : وليس لفظ «المتشابه» من الألفاظ المجملة ، بل هو من الألفاظ المبينة ؛ لأن معناه هو المجمل ، فقوله : «ومجمل» عطف تفسير للمتشابه. هذا تمام الكلام في الجواب عن الدعوى الثالثة. وقد أشار إلى الجواب عن الدعوى الرابعة بقوله : «وأما الرابعة ...» الخ ـ وهي كون الظاهر متشابها بالعرض ـ فقد أجاب عنها المصنف بوجهين : أحدهما : ما أشار إليه بقوله : «فلان العلم إجمالا ...» ، والآخر ما أشار إليه بقوله : «مع أن دعوى ...» الخ.
وتوضيح الوجه الأول : أن العلم الإجمالي ـ بإرادة خلاف الظاهر في جملة من الآيات ـ وإن كان موجبا للإجمال إلا أنه مشروط بعدم انحلاله بالظفر في الروايات بالمخصصات وغيرها من موارد إرادة خلاف الظاهر بمقدار المعلوم بالإجمال ، ومع الانحلال لا إجمال ، كما إذا علم إجمالا بأن موارد إرادة خلاف الظاهر عشرة مثلا ، وظفرنا في الروايات بمقدارها ، فحينئذ : ينحل العلم الإجمالي بالنسبة إلى الموارد الباقية ، ويجوز الرجوع إلى الأصول اللفظية المرادية.
وبعبارة أخرى : إن العلم الإجمالي بطرو ما يخالف الظاهر من مخصص وغيره وإن كان مما لا ريب فيه إلا أنه لا يوجب الإجمال ؛ بحيث لا يجوز العمل بالظاهر أصلا ؛ إذ بعد التفحص والظفر بمقدار المعلوم بالإجمال ينحل العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي والشك البدوي ، فلا مانع من الأخذ بالظاهر بعد انحلال العلم الإجمالي بالفحص والتتبع.