وأما الرابعة : فلأن العلم إجمالا بطرو إرادة خلاف الظاهر إنما يوجب الإجمال فيما إذا لم ينحل بالظفر في الروايات بموارد إرادة خلاف الظاهر بمقدار المعلوم بالإجمال. مع أن دعوى (١) اختصاص أطرافه بما إذا تفحص عما يخالفه لظفر به ، غير بعيدة (٢) ، فتأمل جيدا.
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى الوجه الثاني في الجواب عن الدعوى الرابعة ، وحاصله : أن دائرة المعلوم بالإجمال ليست مطلق الأمارات حتى يقال ببقاء احتمال التخصيص ونحوه حتى بعد الفحص والظفر بمخصصات ونحوها ، فيما بأيدينا من الروايات وغيرها ؛ بل خصوص ما لو تفحصنا عنه لظفرنا به وهذا العلم الإجمالي يمنع عن التمسك بالظواهر قبل الفحص لا بعده ، فبعد الفحص إذا لم يظفر بما يخالف ظاهر الكتاب من تخصيص أو تقييد أو قرينة مجاز يكون ذلك مما علم خروجه تفصيلا عن أطراف العلم الإجمالي ، فلا مانع حينئذ من إجراء أصالة الظهور فيه ؛ لخروج ذلك الظاهر عن دائرة المعلوم بالإجمال.
(٢) خبر «إن» في قوله : «مع أن دعوى ...» الخ. فالنتيجة هي : عدم جواز التمسك بالظاهر قبل الفحص ، وأما بعد الفحص والظفر بما يخالف بعض الظواهر : فيجوز التمسك بالظاهر الذي يعلم خروجه عن دائرة المعلوم بالإجمال.
فالمتحصل : أن العلم الإجمالي مردد بين الأمارات التي لو تفحصنا عنها لظفرنا به ؛ لا أن متعلقه مردد بين ما بأيدينا وغير ما بأيدينا حتى لا ينحل بعد الفحص. هذا تمام الكلام في الجواب عن الدعوى الرابعة.
وأما الجواب عن الدعوى الخامسة ـ وهي شمول الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي لحمل الكلام على ظاهره ـ فيرجع إلى وجوه ثلاثة :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «فيمنع كون حمل الظاهر ...» الخ.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «ولو سلم فليس ...» الخ.
الثالث : ما أشار إليه بقوله : «مع أنه لا محيص ...» الخ.
وأما توضيح الوجه الأول فيتوقف على مقدمة وهي : بيان معنى التفسير ، ومعنى التفسير ـ على ما في مجمع البيان ـ هو «كشف المراد عن اللفظ المشكل» (١) ، فالتفسير عبارة عن كشف المراد والقناع ورفع الحجاب والستار.
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ٣٩. وأيضا : تفسير غريب القرآن : ٢٦٩ ، جامع البيان ١ : ١٠ ، تفسير ابن كثير ١ : ١٥٠ ، البرهان للزركشي ٢ : ١٤٩ ، تفسير الثعالبي ١ : ٤٠ ، الخ.