هذا مع أنه (١) لا محيص عن حمل هذه الروايات الناهية عن التفسير به على ذلك ، ولو سلم شمولها لحمل اللفظ على ظاهره ، ضرورة (٢) : أنه قضية التوفيق بينها وبين ما دل على جواز التمسك بالقرآن ، مثل : خبر الثقلين ، وما دل على التمسك به والعمل بما فيه ، وعرض الأخبار المتعارضة عليه ، ورد الشروط المخالفة له ، وغير ذلك مما
______________________________________________________
(١) هذا هو الوجه الثالث من وجوه الجواب عن الدعوى الخامسة.
وحاصله : أنه لو سلم شمول الروايات الناهية عن التفسير بالرأي لحمل الظاهر على ظاهره ؛ فلا محيص عن حمل التفسير بالرأي فيها على ما ذكرناه من حمل اللفظ على خلاف ظاهره ، أو على أحد محتملاته بمجرد الاعتبار الظني والاستحسان العقلي ، وإخراج حمل الظاهر على ظاهره عن تحت تلك الروايات ؛ وذلك بمقتضى الجمع بينها وبين ما دل على جواز التمسك بالقرآن مثل خبر الثقلين ، وما دل على التمسك به والعمل بما فيه وعرض الأخبار المتعارضة عليه ، وبرد الشروط المخالفة له ، وغير ذلك مما لا محيص عن إرادة الإرجاع إلى ظواهره لا خصوص نصوصه.
فحمل الظاهر على ظاهره خارج عن تحت الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي بحسب جميع الوجوه الثلاثة المذكورة في الجواب.
غاية الأمر : يكون حمل الظاهر على ظاهره بحسب الوجه الأول والثاني موضوعا ، وبحسب هذا الوجه الثالث تخصيصا جمعا بين الروايات.
(٢) تعليل لقوله : «لا محيص» عن يعني : لا محيص عن حمل الروايات الناهية عن التفسير بالرأي على غير الظاهر لأجل الجمع بين الروايات ، أي : أن حمل الأخبار الناهية على غير الظاهر هو مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار التي يستفاد منها حجية ظواهر الكتاب.
منها : حديث الثقلين المتواتر بين الخاصة والعامة عن النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أنه قال : «إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١).
ومنها : ما رواه حفص المؤذن وإسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله «عليهالسلام» في رسالة طويلة كتبها إلى جماعة من الشيعة ، وفيها : «قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل للقرآن ولتعلم القرآن أهلا ...» (٢).
ومنها : ما دل على عرض الأخبار على القرآن ، مثل : ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قال الصادق «عليهالسلام» : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤١٤ / ١.
(٢) الكافي ٨ : ٥ / جزء من ح ١.