وبذلك (١) انقدح : امتناع المنع عن تأثيره أيضا ، مع أنه يلزم منه اجتماع الضدّين اعتقادا وحقيقة في صورة الإصابة ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
والمتحصل : أن المحمولات ـ التي هي من لوازم موضوعاتها ـ غير قابلة للجعل أصلا ؛ كالزوجيّة للأربعة ، حيث إنها مجعولة بجعل نفس الأربعة ، ولا يعقل جعلها لها لا تكوينا ولا تشريعا لا إثباتا ولا نفيا.
(١) أي : وبامتناع الجعل التأليفي بين الشيء ولوازمه ظهر امتناع سلب الحجية عن القطع كامتناع إثباتها له ؛ لأنه بعد فرض كون المحمول ـ أعني : الحجية ـ من لوازم الموضوع ـ وهو القطع ـ فكما لا يمكن إثبات الحجيّة له بالجعل كذلك لا يمكن نفيها عنه ، وإلا لزم أن لا تكون من لوازم ذات القطع وهذا خلاف الفرض. هذا تمام الكلام في الوجه الأول من الوجهين اللذين استدل به على امتناع جعل الحجية للقطع إثباتا ونفيا.
وأما الوجه الثاني : فهو ما أشار إليه بقوله : «مع أنه يلزم منه اجتماع الضدين ...» الخ.
وحاصل هذا الوجه : أن نفي الحجية عن القطع مستلزم لاجتماع الضدين اعتقادا مطلقا أي : في صورتي إصابة القطع وخطئه.
غاية الأمر : يلزم اجتماع الضدين بحسب اعتقاد القاطع لا واقعا عند الخطأ ؛ كما إذا تعلق قطعه بحرمة شرب ماء الشعير مع فرض حليته واقعا ، حيث إن مقتضى هذا القطع حرمة شربه ، وإذا ردع عن حجيته الشارع كان مقتضى ردعه جواز شربه ، ومن المعلوم : أن الحرمة والجواز متضادان ، فلا يمكن صدورهما من الشارع. ويلزم اجتماع الضدين واقعا وحقيقة في صورة إصابة القطع ؛ كما إذا قطع بحرمة شرب الخمر مع أن المفروض حرمته واقعا ، فإذا نهى الشارع عن متابعة قطعه هذا يلزم اجتماع الضدين واقعا واعتقادا ؛ كما أشار إليه بقوله : «وحقيقة في صورة الإصابة».
وخلاصة الكلام : أن امتناع سلب الحجيّة عن القطع مستند إلى وجهين :
الأول : امتناع انفكاك اللازم عن ملزومه.
الثاني : لزوم اجتماع الضدين من نفي الحجية عن القطع اعتقادا مطلقا ، وحقيقة في صورة الإصابة.
وقد ظهر من كلام المصنف : أن القطع علة تامة للحجية ، ولذا يستحيل ردع الشارع عن حجيته ، فلا يكون اعتباره موقوفا على عدم المانع أعني : الردع.